الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. والفكاهة المصرية

تعاملت الحكومة المصرية بجدية شديدة مع فيروس كورونا، بمجرد ظهور حالات الإصابة في الصين، حيث تحركت طائرة خاصة لنقل الطلاب المقيمين في ووهان، وحطَّت بهم في مطار العلمين، بعيداً عن العاصمة، ونُقلوا إلى مستشفى مجهز بمدينة مرسى مطروح، قريب من الحدود مع ليبيا، قصد عزلهم تماماً، وليتم التأكد من خلوهم من الفيروس.

في البداية كان الأمر متروكاً لوزيرة الصحة، والواضح أنه انتقل الآن إلى رئيس مجلس الوزراء مباشرة، فضلاً عن عدة اجتماعات عقدها رئيس الجمهورية المصرية عبدالفتاح السيسي، لمتابعة هذا الملف وإعطاء التوجيهات بخصوصه.

وعلى المستوى الشعبي، تحول الفيروس إلى مادة للفكاهة والتنكيت، فكل يوم تظهر العشرات منها، ولو جمعت يمكن أن تشكل كتاباً كبير الحجم، لتكشف أن الخيال الشعبي متوهج.


لم يتوقف الظُّرف على النكات فقط، بل انتقل إلى الوقائع، سيدة في المحلة الكبرى هجرها زوجها إلى مدينة العاشر من رمضان، ويبدو أنه قيد الارتباط بزوجة أخرى، أو هكذا ظنت الزوجة، ولكي تعيده ذهبت إلى قسم الشرطة، وأبلغت أن زوجها مصاب بفيروس كورونا، ويرفض الذهاب إلى المستشفى، وأعطتهم عنوانه في العاشر من رمضان.


ولمن لا يعرف مصر، فإن مدينة المحلة الكبرى تقع في نطاق محافظة الغربية، بينما مدينة العاشر في نطاق محافظة الشرقية، والتواصل الإداري بينهما يقتضي خطوات وأيام، لكن في حالة كورونا، تم الذهاب إليه فوراً، ونُقل إلى الحجر الصحي، وتبين بعد أسبوعين خلوه من الفيروس، وذهب إلى زوجته معتذراً وتائباً، فاضطرت الزوجة أن تعترف ببلاغها، وانقسم الرأي العام تجاه هذه الزوجة بين من يطالب بمعاقبتها بتهمة البلاغ الكاذب والإزعاج العام، وفريق رأى في الأمر مادة للتسلية الممتعة.

دعك الآن من أولئك المتشددين الذين يرون في الفيروس عقاباً وانتقاماً إلهياً للصين، الفيروس امتد إلى عديد من المسلمين، وتُرجح بعض التقارير أنه ظهر في مدينة «قم» الإيرانية قبل ظهوره في ووهان، ودعك كذلك من أولئك الممتعضين والكارهين للنظام السياسي في مصر الذين يتمنون انتشار الوباء فيها، ليصرخوا منددين بالحكومة، لأن ظهور الفيروس ليس مسؤولية الحكومة، ولكن مسؤوليتها مقاومته حين يظهر.

باختصار ليس في الشارع المصري فزع، ولا هلع، بل يمكن أن تشعر أن الناس وجدوا موضوعاً للتفكه به، وفى الخلفية هناك إيمان عميق بأنه لا يمنع حذر من قدر، وأن الأعمار بيد الله، فروح الفكاهة تلك، قد تكون آلية ناجزة لمواجهة الأزمات والمشكلات والأوبئة أيضاً.