الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

ابتزاز أردوغان لأوروبا.. التعبئة والمآل

عندما خاطب وزير الخارجية الفرنسي الجمعية الوطنية، بخصوص تركيا لجأ إلى كلمات غير معهودة في القاموس الدبلوماسي الفرنسي، منها: «ابتزاز» و«تنظيم مقصود ومنظم» لاجتياح أوروبا من طرف اللاجئين عبر البوابة التركية.

هذه المفاهيم كانت تستعمل حصرياً في وسائل الإعلام حول الشأن التركي ـ الأوروبي، أما الدبلوماسية الأوربية فكانت دائماً ترفض اللجوء إلى خطاب كهذا عند الحديث عن الرهانات، مكتفية بالكلام عن ضغط تركي على الجوار الأوروبي، والنية السياسية المعلنة أنها كانت لا تريد توصيف التصرف التركي بهذا الشكل للحفاظ على باب العودة والمفاوضات الدبلوماسية.

اليوم صفة المبتز والمتاجر بورقة اللاجئين وإرهابيي داعش أصبحت لصيقة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لدرجة أن استقرت في القاموس السياسي الأوروبي.


وهذا سيزيد من شيطنة النظام التركي الذي أصبح يُنطر إليه كعدو داخلي أكثر منه حليفاً استراتيجياً، وجاءت عملية وصمه بالمبتز من طرف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بعد أن وجَّه له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهامات مباشرة بتشجيع الانفصال «الإسلاموي» داخل المجتمع الفرنسي عبر احتوائه وتشجيعه لتيارات الإسلام السياسي المتهمة بالعبث بالأمن الديني والتوازنات الاجتماعية في الجمهورية الفرنسية.


التنديد الأوروبي بعملية الابتزاز، التي يمارسها علناً أردوغان تحمل رسائل عدة تجاه القيادة التركية، من أهمها: أن دول الاتحاد الأوربي لن تسقط في كمين عام 2015 الذي جنت منه أنقرة صفقة عملاقة بقيمة 6 مليارات يورو مقابل القيام بدور الدركي على حدودها اليونانية والبلغارية، والتي أعطت الانطباع بأن إشكالية اللاجئين الذين يبتز بهم أردوغان دولهم جاءت في المرتبة الثانية مباشرة بعد الحرب الكونية ضد فيروس كورونا الفتاك.

وقد تجسدت هذه التعبئة في زيارات مفاجئة لزعماء المنظومة الأوروبية إلى تركيا واليونان، وفي عقد اجتماعات استثنائية لوزراء الداخلية في بروكسل، والخارجية في زغرب.

كل هذه المعطيات تجعل من أي لقاء سياسي بين أردوغان وزعماء أوروبا لقاء ملتهباً يسائل بقوة سياسة حسن الجوار، التي من المفروض أن تميز دولة مثل تركيا تجاه جيرانها الأوروبيين، خصوصاً أنها عضو في المنظومة الأطلسية، وفي مقابل ذلك أردوغان يهدد بإغراق أوروبا باللاجئين والإرهابيين.