الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ماذا عن التلويح الأمريكي بعودة طالبان؟

بعد 18 عاماً من الحرب، دخلت أفغانستان تحت أجواء اتفاقين للسلام، الأول منهما جرى توقيعه بين حركة طالبان والولايات المتحدة ويقضي بانسحاب الجيش الأمريكي نهائياً من البلاد العصية في غضون 14 شهراً.

والاتفاق الثاني قيد التداول الأولي ولم ينجز منه شيء وتحوم حوله الشكوك الكبيرة، وسيكون بين طالبان والحكومة الأفغانية في كابول وأهم عناصره هو تبادل المعتقلين والتصدي المشترك للتنظيمات الإرهابية، ثمّ التوافق على الاندماج في الحياة السياسية لحركة متمردة ومسلحة لا تزال طموحاتها السياسية عالية، وقد كانت جربت الحكم في كابول زهاء 6 سنوات.

قبل أيام وقع هجوم كبير تبناه تنظيم داعش ضد تجمع سياسي وأوقع 32 قتيلاً، وكشف عن هشاشة الوضع الأمني في كابول، لا سيما أن التجمع كان يحضره مسؤولون بينهم عبدالله عبدالله وزير خارجية أفغانستان الأسبق.


وبالتزامن مع صدمة الهجوم، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصريحاً أثار قلقاً بالغاً في أوساط شعبية وسياسية أفغانية، حين قال إنه يضع من بين الاحتمالات أن تعود حركة طالبان لتسلم الحكم في كابول، وانقسمت الآراء بين أن تكون مقاصد ترامب تحذيرية وافتراضية أو أن تكون واقعية في ظل عدم وجود سيطرة حكومية على عموم أفغانستان ذات الطبيعة القبلية الصعبة.


يمكن النظر إلى طرح ذلك الاحتمال على أنه محاولة أمريكية لتذكير الحكومة الأفغانية بضرورة الاعتماد على الأمريكان الذين اطلعوا جيّداً على الوضع الأفغاني، ولديهم إمكانات تساعد في السيطرة والدعم عند اللزوم، وربما يكون ذلك مدعاة لتوقيع اتفاقية تعاون استراتيجي لما بعد الانسحاب الأمريكي كما فعلت واشنطن في العراق عام 2011، وهي اتفاقية لا تخص التعاون العسكري وحده، وإنما لها بنود اقتصادية ومالية وثقافية.

ومن جهة أخرى، يمكن النظر إلى التصريح بوصفه أملاً ترغيبياً يعطيه الأمريكان لحركة طالبان، لكي تمضي في هدوء في إنجاز ما يترتب عليه، في تحقيق تنفيذ آمن للاتفاق الأمريكي معها ومنعاً لانهيارات مفاجئة، كما أن واشنطن تلوح هنا بأن الساحة الأفغانية فيها مراكز قوى أخرى غير الحكومة الأفغانية من الممكن أن تكون عاملاً سياسياً للتعامل معها، وبذلك تكون خيارات كابول المستقبلية هي حصر الارتباط الاستراتيجي بالولايات المتحدة للحفاظ على مكتسبات سياسية انفردت بها من دون مشاركة حركة التمرد التي لا يزال الشارع الأفغاني يخشى عودتها مستذكراً فصولاً من حكمها المتشدد.