الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

لبنان الجديد.. وقضية الديون

يخطئ من يقول إن لبنان بلد فقير، فكيف يكون لبنان بلداً فقيراً وهو أهم دولة سياحية في العالم العربي؟، وأين جباله ومزارعه وآثاره وتاريخه.

إن الشعب اللبناني شعب متحضر بالفطرة، ومن أذكى الشعوب العربية وتسري في دمائه حضارات مختلفة، والفرد اللبناني له في كل شيء في التجارة والزراعة والفنون والإبداع.

ففي يوم من الأيام كانت الجالية اللبنانية في العالم أكبر الجاليات العربية، ومن بين هؤلاء كان رجال الأعمال والأثرياء الكبار، فلا أحد ينسى كتائب الإبداع اللبناني في الفنون والآداب ابتداء بشعراء المهجر وانتهاء بالمطربين الكبار الذين انتشروا في كل مكان.


إن البلد الذي أنجب جبران وفيروز ووديع الصافي لا يمكن أن يكون وطناً عادياً، ولم أتصور أن تعلن الدولة اللبنانية أنها لم تعد قادرة على سداد ديونها وأن هذه الديون أكبر من قدرة اللبنانيين على سدادها.


فقد أعلن حسن دياب المرشح لرئاسة الحكومة اللبنانية أن الاقتصاد اللبناني أصبح قائما على سياسة الاستدانة، وأن هذا الموقف أصبح يهدد الشعب اللبناني منذ تجاوز حجم الديون مبلغ 90 مليار دولار وهذا يعني أن 40% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر.

إننا نذكر حين كانت بيروت هي المركز المالي الذي يضع فيه العرب كل أموالهم والتي كانت بالبلايين، وكانت الليرة اللبنانية من أهم العملات العربية وأقواها، وكانت السياحة اللبنانية من أعلى معدلات الدخل في العالم العربي.

كان لبنان أسطورة في العمل والنجاح والإبداع وكانت بيروت أهم محطات قوافل المال والاقتصاد في العالم العربي، لقد تكشفت حالة الخراب الاقتصادي حين خرج شباب لبنان في مظاهرات اجتاحت الشارع وكانت أهم مطالبها مواجهة حشود الفساد التي نهبت أموال الشعب وضيعت ثرواته.

هناك عدد قليل من الأشخاص منهم السياسيين ورجال الأعمال والمغامرين والتجار استولت على الاقتصاد اللبناني وتركت ملايين الشباب بلا عمل أو مستقبل.

إن لبنان الآن على أبواب مرحلة جديدة وليس أمام الشعب اللبناني غير خيار واحد، هو أن يسترد حريته وأن يواجه فلول الفساد الاقتصادي والسياسي والطائفي، فلقد دمرت الحرب الأهلية كل قدرات البلد طوال 16 عاماً، واستطاع لبنان أن يعيد بناء نفسه ولكن مواكب الفساد استطاعت أن تنهب ما بقي من خيرات هذا الوطن.

ولقد مزقت الانقسامات الدينية والطائفية كل مقومات الشعب ما بين أحزاب تقدمية، وأخرى دينية، أو طائفية، وتحول الشارع اللبناني إلى مواجهات عنصرية دمرت كل الثوابت الحضارية التي عاش عليها اللبنانيون في يوم من الأيام.

إن لبنان وهو يعلن الآن عجزه عن سداد، يواجه مستقبلا غامضاً خاصة أن الشارع لا يستطيع الآن أن يسترد أمواله المنهوبة في بنوك العالم، لكنه سيتجاوز محنته، لأن جيل الشباب الذي خرج إلى الشوارع يطالب بالحرية والكرامة سوف يبني لبناناً جديداً.