الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

السودان.. ماذا بعد الاغتيال الفاشل؟

لا يمكن تفسير محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك، في الخرطوم على أنها مجرد استعراض للقوة من أتباع النظام السابق لعرقلة المسيرة الديمقراطية، وربما تعبر عن تزايد إحباط الناس بعد مرور عام على الانتفاضة الشعبية التي اندلعت ضد البشير، وعلينا أن ننتبه إلى أن الحاجات الأساسية للشعب السوداني، كالمواد الغذائية والبنزين والتي كانت السبب الأساسي للاضطرابات، لم يتم تأمينها بالشكل المطلوب، حتى الآن.

السودان يشبه لبنان تماماً، فهما دولتان مُثقلتان بديون خارجية، لدرجة يستحيل معها أن تخفف المساعدات الخارجية منها، وحتى لو أُلغيت كل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما، فهما مفلستان تماماً، مثلما حدث لليونان من قبل، وقد تلحق بهما دول أخرى، قريباً.

ومن أجل حل هذه المشكلة، لجأ السودان كما حدث في لبنان، للاعتماد على الخبراء «التكنوقراط»، وهم ماليون خبيرون يتميزون باحتكامهم لبراعات تقنية وقدرة على الاتصال النشط بالمؤسسات البنكية والدول العالمية القوية.


ونتساءل الآن عمَّ إذا كان هؤلاء الخبراء التنفيذيون السابقون في البنك الدولي يستشعرون مرارة الحياة اليومية التي تعيشها شعوبهم؟ وما إذا كانت لديهم رؤية بعيدة المدى لمستقبل وطنهم؟ تلك بالضبط هي تساؤلات قائد المجموعة المتمردة المسلحة في السودان الذي قابلته مؤخراً.


ويمكن طرح ملاحظات مشابهة حول بعض الحكومات التي تمثل ديمقراطياتنا القديمة ذاتها، مثلما هي: حال فرنسا، فنحن نرى كيف أن الرئيس ماكرون وهو الخبير البنكي من حيث مهنته الأصلية، والذي يتمتع بفنيات تقنية عالية حاول توظيفها لإجراء عملية «تحديث» للنظام الاجتماعي، الاقتصادي الذي شيّدته الأمة الفرنسية خلال العقود أو القرون الماضية، ولكنه واجه معارضة قوية ومستحكمة من طرف معظم المختصين في المنظمات الاجتماعية، بغض النظر عن أهمية الجهود الإصلاحية التي بذلها.

ولهذا السبب، يجب ألا يدور السؤال حول ما إذا كان بالإمكان تلبية طلبات المجتمع الدولي، بل حول الشرعية الشعبية لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، من أجل حل مشكلة المديونية الخارجية في فرنسا، واليونان أو السودان، ولبنان، وأن الوصفات القديمة لحل المشكلة مثل: حجب الدعم عن قطاعي الصحة والتعليم، لن تكون ممكنة، عندما ينظر القادة إلى مناصبهم وكأنها وظائف مكلفين بها، بدلاً من كونها التزاماً منهم لتحسين أحوال الغالبية العظمى من الشعوب التي يحكمونها، وخاصة عندما يعلمون أنه في حالة فشلهم، سوف يجدون مقاعد مريحة في المؤسسات المالية العالمية.