الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

تركيا ـ أوروبا.. وأزمة اللاجئين

تمارس السياسة التركية سياسة محيرة وغامضة أو متناقضة في قضية اللاجئين السوريين، فداخلياً تبدو الحكومة أنها تعطي أموال الشعب التركي لغيره، عن طريق تقديم المساعدات الإنسانية، وهذه الأموال فاقت 40 مليار دولار، مع وجود أزمات اقتصادية يشكو منها المواطن التركي كثيراً، فهل العاطفة الإنسانية هي التي تدفع الحكومة لهذه السياسة، أم أن هناك أهدافاً سياسية منها؟..

قد لا تظهر الأهداف السياسية داخلياً، ولكنها واضحة في السياسة الخارجية، فتركيا اتخذت من وجود اللاجئين السوريين على أراضيها، ذريعة للتدخل في معالجة الملف السوري في الأعوام الستة الأولى من الأزمة السورية، واتخذت منها ذريعة للتدخل العسكري في أغسطس 2016 بعملية درع الفرات، و2018 في غصن الزيتون، و2019 في عملية نبع السلام، وفبراير 2020 في درع الربيع.

ومن وجهة نظر محللين سياسيين، يمكن لتركيا أن تغلق حدودها مع سوريا، وتمنع إدخال مزيد من المهاجرين، بينما لا تزال التصريحات التركية تكرر قولها: بأنها لن تغلق أبوابها أمام اللاجئين، ولكنها تستعمل هذه الورقة في صناعة الاختلافات مع دول الاتحاد الأوروبي معها، فلماذا تفتح تركيا حدودها مع اليونان، طالما أن الدول الأوروبية لا تسمح لهم بدخول أراضيها؟


..إن المحاولة الأخيرة لتفاقم أزمة اللاجئين مع اليونان، كانت واضحة بأنها صناعة تركية بامتياز، فتركيا هي التي دفعت عشرات الآلاف للوصول إلى الحدود اليونانية، بسبب عدم وقوف الدول الأوروبية إلى جانبها في أزمتها الأخيرة مع روسيا، وعدم استجابتها للمطالب التركية بالضغط على روسيا وغيرها، لإقامة منطقة آمنة لتضم كل السوريين المشردين شمال سوريا، ولتستوعب بعض ملايين السوريين الموجودين في تركيا، بينما لا تزال القناعات الأوروبية متقاربة مع القناعات الأمريكية، بترحيل أكبر عدد ممكن من السوريين السنة، في الحل النهائي للصراع في سوريا.


هذا التناقض التركي في قضية اللاجئين، قد يشير إلى أن الحكومة تنتقم من الذين خدعوها عندما تحدثوا عن مستقبل واعد لسوريا، فحمّلوا تركيا ما لا تستطيع احتماله، فلما تخلوا عنها أخذت تتخلى هي عن التزاماتها، بمنع وصول اللاجئين إلى حدودها، وكأن قضية اللاجئين كانت أداة منذ البداية، وليس غاية وافقت عليه تركيا كورقة ضغط، لتحقيق الحل السياسي الذي يؤمن حدودها الجنوبية، أي أن تركيا تمارس ضغطاً على أوروبا، بسبب تراجعها عن التزاماتها، فهل تنجح سياسياً مع أوروبا، حيث تعثرت عسكرياً مع روسيا؟.