السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«الجائحة» الديمقراطية

بينما كان العالم غارقاً في دوامة العولمة، وتجاذبات السياسات، والصراعات والحروب، والدفاع عن المصالح، وبناء الاستراتيجيات المستقبلية، دخل علينا فيروس كورونا من حيث لا ندري، واقتحم حياتنا وفرض علينا قدراً لا مفر منه.

هذا العدو الخفي جاءنا من وراء التاريخ، ومن خارج الجغرافيا، ومن خلف كل الحسابات والتنبؤات، دخل دولنا وأقفل خلفه كل الأبواب، وحوّلنا إلى قرى معزولة، وحوَّل تفكيرنا، فقط، إلى كيفية محاصرته، بعدما زرع الهلع في قلوب العالم أجمع، وكيف نقضي عليه قبل أن يقضي علينا.

معركتنا مع كورونا، اليوم، هي معركة حياة ووجود، بعدما كشف عن نقاط ضعف في الاستجابة العالمية لتفشي الفيروسات، سينتشر إلى حد كبير في جميع أنحاء العالم، وسيتسبب في وفاة الآلاف من الأشخاص، وسيُكلف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مبلغ 2.4 تريليون دولار، وربما سوف يغير الخريطة ومعالمها.


وإلى أن تنتهي هذه الأزمة الصحية ونحصي خسائرها البشرية والاقتصادية، فسنبقى مسؤولين، متضامنين وملتزمين بكل التعليمات الصحية الوطنية، فكل واحد منا معرض أن يكون حاملاً للفيروس، لذلك علينا الاعتماد على بعضنا البعض، فسلامتنا مرتبطة بسلامة المجتمع الذي نعيشه.


أوطاننا، اليوم، تمر باختبار استثنائي، حيث المعاناة عالمية والعبء الإنساني مشترك، وحيث الخوف من المجهول سمة عامة، كلنا في حالة ترقب لعدد الإصابات وعدد الوفيات، وفي كل مرة نغادر فيها منازلنا، نتوقع أن شيئاً رهيباً يمكن أن يحدث، يمكن أن نأخذ العدوى من أحد أو ننقلها إلى أحد آخر، وهذا ما يجبرنا بالنهاية في التفكير، ليس في ذواتنا، ولكن في الجماعة.

على قساوته، قدم لنا كورونا درساً أساسياً، هو أننا جميعاً سواسية أمام «جائحة» ديمقراطية لا تميز بين أحد، سواء كان آسيوياً أو أوروبياً أو أفريقيّاً أو أمريكياً، ولا بين مجتمع متقدم وآخر لا يزال يتخبط في مستنقع الجهل.

كورونا ذكرنا أن أفعالنا تؤثر على غيرنا، واستمرار حياتنا مرتبط بسلامة غيرنا، ومنحنا فرصة لترك الخلافات جانباً، والتفكير في ضرورة إرساء نظام وطني وعالمي، للتضامن بين كل المواطنين وكل الشعوب.