الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. وميلاد الاقتصاد من جديد

كيف يمكن تجنب التعليق على أزمة «كوفيد-19»؟ وخاصة خلال هذا الأسبوع، حيث إنني أُرسل هذا المقال من فرنسا، وهو البلد الذي تلقى الكثير من الانتقادات لتباطئه في الالتزام بالمعايير الوقائية المناسبة لمواجهة انتشار الوباء، ومنذ مدة، أصبح الشعب الفرنسي كغيره من الشعوب الأوروبية، محكوماً عليه بالبقاء في البيوت، ليتخلى بذلك عن إيقاع حياته اليومية من دون أن يعرف إلى متى سيبقى كذلك! ولكن، وبعد أن أصبح تدفق المعلومات يمثل تأثيراً معاكساً بسبب ملل الناس من الأخبار المتعلقة بالموضوع، وربما الميل لإنكارها، يكون من المفيد التذكير بأن فرنسا أمة قديمة، نادراً ما تضع ثقتها في قادتها، ولا حتى بعلمائها سواء أكانوا مجتمعين على رأي موحد أو منقسمين.

وقبل بضعة أيام، تجرّأ الرئيس إيمانويل ماكرون على القول: «إن هذه التعبئة الجماعية ضد الفيروس هي بمثابة حرب»، محاولاً بذلك محاكاة أسلوب السير ونستون تشترشل في وصف الحرب بأنها: «دم ودموع»، ويبدو أن هذه المحاكاة غير دقيقة، وفقاً لمستوى المعاناة البشرية وعدد الموتي الذين يقضون بسبب الأزمة، وبالمقارنة مع أوبئة أخرى لم يتم التحكم فيها، مثل: الملاريا، أو تفشِّي فيروس إيبولا، فإن فيروس كورونا المتجدد لا يبدو أنه أكثر تسبباً بالآلام، ولا هو قاتل بمستوى تلك الفيروسات المذكورة نفسها.

إلا أن التداعيات الاقتصادية والمالية للفيروس، مهما بلغ مستوى انتشاره أو زمنه، لا شك أنها أكبر بكثير مما سبق، بل إنها بدأت بإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي وتفعيله من جديد، وهو الذي يتراجع بسرعة إلى الوراء ليواجه الانهيار، ويمكن لافتتاح معرض إكسبو العالمي 2020 في شهر أكتوبر المقبل، أن يشكل أملاً جديداً ونقطة بداية لعودة تحسّن الأوضاع العالمية بعد مرور هذه المحنة التي لم تشهد الموسم الحار، حتى الآن.


ويمكننا أن نتوقع بروز عالم جديد يمتلك الثقة بالنفس والقدرة الكبيرة على التعاون للدرجة التي سيفهم منها قادتنا إلى أي مدى أصبح العالم أكثر تكافلاً وتكاملاً.


ووفقاً لهذا التأطير الجديد، يمكن لدولة الإمارات أن تبرز باعتبارها تمثل أصولاً ثمينة، فلقد أكد الاتحاد بالفعل، فهمه العميق لضرورة الاستقرار الإقليمي وأهميته، ولتوضيح هذه النقطة، تكفي الإشارة إلى الجهود التي بذلتها الإمارات لدعم خطة الصلح بين إثيوبيا وإريتريا شهر سبتمر 2018، والإسهام بتحقيق الاستقرار في السودان عن طريق المساعدة على إطلاق عملية التحول الديمقراطي، العام الماضي، ثم الميل للتخفيف من حدة التوتر مع إيران في مضيق هرمز.

إن هذه النشاطات الدبلوماسية، هي في الحقيقة انعكاس لمزيج من الواقعية والقناعة المبنية على الاعتقاد بأن التطور التجاري والاقتصادي هو الأساس لتحقيق مستقبل يعمّه السلام والرخاء، وهذا هو العلاج الأنجع للفيروسات القاتلة التي تهدد الجنس البشري، كالإرهاب والسباق نحو التسلح والتنافس بين الدول العظمى، وهي تحديات خطرة، أثبتت الإمارات قدرتها على مواجهتها.