الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كورونا ليست صينية

لست من الذين يميلون لتفسير الحوادث تفسيرات تآمرية، ولكني أعتقد أن الاستغلال التآمري للأحداث التي تقع هو الجائز، ولذلك فإن كل ما تم تصديره باعتباره مؤامرة في هذا الموضوع أشك فيه، لكن الاستغلال التالي لبعض تطورات الأزمة هو الأكثر واقعية.

الادعاءات القائلة إن الوباء «صناعة صينية» ومؤامرة تحاول من خلالها بكين تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، قول مردود عليه، ذلك لأن القيادة الصينية تدرك جيداً أن السيطرة على شعب تعداده نحو مليار ونصف المليار ليس بالأمر الهين، وأن شرعيتها في الحكم أساسها تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير الرفاه للشعب، والشعب بالمقابل يدرك جيداً أنه يضحي بكثير من الحريات المدنية والسياسية مقابل ذلك.

أما القول بمؤامرة أمريكية لضرب أعدائها، مردود عليه أيضاً، لأن ما تعرضت له الصين، وهي تشكل التحدي الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، طالت آثاره العالم كله بما فيها أمريكا ذاتها، حتى قبل أن ينتشر الفيروس في بقية أنحاء العالم.


الأمر الأكيد أن هذا الفيروس كارثة حقيقية تضرب العالم بكل أجزائه، وسوف يدفع الجميع الثمن، وأن هذا الفيروس ليس هو المسؤول عن هذه الكوارث التي سنعاني منها طويلاً، لكن المسؤول الرئيس هي تلك الحالة من الجنون التي اجتاحت العالم من شرقه إلى غربه، وتمثلت في رد الفعل شديد المغالاة، وأظن أن الثمن الاقتصادي الذي سوف يدفعه كل البشر سيكون هو الضربة الأكبر مقارنة بآثار الفيروس نفسه.


ولكن، مرة أخرى، ما أطرحه لا يتعارض مع أهمية احترام والالتزام بكل الإجراءات والمعايير، التي أقرها العالم وتلتزم فيها الدولة هنا بشكل كبير.

ما يحدث في العالم الآن هو جنون بمعنى الكلمة، وقد يكون هذا الحديث خارج السياق العالمي العام، لهذا أؤكد على أن كل ما يحدث هو رد فعل مغالى فيه بشدة من كل الأطراف، وفي كل دول العالم، وأن رد الفعل هذا يعود في بعضه إلى مزيج من ردود الفعل العصبية السياسية، وقوة التأثير الكاسحة للتواصل الاجتماعي، وهي القوة التي لم يعد هناك من خيار إلا التسليم بها، ومحاولة فهم أبعادها، وإيجاد وسائل غير تقليدية للتعاطي معها إيجابياً.