الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

العرب.. ومؤامرة كورونا

لن أضيف أي جديد إن قلت: العرب أمة استهلاكية بامتياز.. فالآخرون يخترعون وينتجون ونحن نتلقى، نشتري، وعندما نتحدث في فضائياتنا أو نكتب، أو نسترخي في مضايفنا ومجالسنا نستعرض أمجاد أجدادنا الأقدمين، فنبدأ بالسومريين والبابليين والأشوريين ثم الفراعنة فالدولة الاموية حتى نصل الى الحضارة العربية الاسلامية في العهد العباسي، ونعبر البحار إلى أوروبا لنتغنى بوجودنا القديم في الاندلس.. لكن ماذا فعلنا نحن؟.. لا شيء على الاطلاق سوى استيراد الأفكار والاختراعات التي تأتينا جاهزة.

باستثناء دولة الامارات العربية، التي انشغلت بتأسيس معاهد ومراكز بحوث علمية وابتعثت ابناءها للدراسة في مختلف بلدان العالم المتحضرة، وطورت مدارسها واهتمت بالعلوم، فإن غالبية الدول العربية انشغلت بالحروب العبثيَّة والاقتتال الداخلي، وشهدنا، ولا نزال، أنظمة تقتل الآلاف من أبناء شعبها، واهدرت الأموال والطاقات والجهود في مؤامرات محلية وإقليمية لأسباب طائفية او سلطوية، مهملة البنى التحتية والبحوث والدراسات العلمية، فعادت متقهقرة إلى ما قبل أكثر من خمسين عاماً.

اليوم حيث يغزو فيروس كورونا المعمورة، ويهدد الشعوب، ومن بينها شعوبنا العربية، حاصدا عشرات الآلاف من الأرواح، نجلس نحن منتظرين من يتكرم ويتعطف بالتوصل لانتاج لقاح ينجينا من هذه الجائحة، بل نستنفر طاقاتنا في السجال فيما بيننا حول المؤامرة الصينية لانتاج فيروس كورونا لاضعاف أميركا، يقابل تلك الفكرة السطحية من يتبنى مؤامرة أمريكية انتجت هذا الفيروس لتدمير الاقتصاد الصيني!.


بينما علماء الصين وروسيا والولايات المتحدة وألمانيا وبعض الدول الغربية الأخرى، منشغلون ليلا ونهارا في مختبراتهم المتطورة من أجل التوصل للقاح ينقذ البشرية بعيداً عن نظريات المؤامرة التي نعلق نحن على حبالها غسيل فشلنا وعجزنا وكسلنا، والحمد لله لم ينبر أيّ عربي للقول: أن فيروس كورونا مؤامرة ضد العرب والأمة العربية والإسلام.


الاكثر فظاعة من هذا، أن غالبية شركات تجارة المواد الطبية في العراق والسودان ولبنان وسوريا وتونس، رفعت أسعار الكمامات الواقية والمعقمات، ولا ندري هذه الممارسات تحت أية مؤامرة تندرج، لذلك ليس لنا هنا سوى ان نردد قصيدة الشاعر ابراهيم اليازجي«تنبهوا واستفيقوا أيها العرب»، والتي يقول مطلعها:

تنبَّهُوا واستفيقوا أيها العرب فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب