الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«كورونا» يُعيد ترتيب الأوراق

بلا تأشيرة ولا تذاكر سفر، يعبر هذا الفيروس الصغير القارات بسرعة تفوق التوقعات، يتحدى الأنظمة والحكومات، لا سيما أن كل أشكال التحضر والتطور التكنولوجي يمكن أن تنهار ببساطة ما لم نملك الاستعداد الكافي لمواجهة هذا المفترس المجهري، الذي يتحكم بأرواح ومصائر البشر.

ومن يستطيع ترويض هذا الفيروس بلقاح هو متحكّم بأرواح البشر أيضاً؟ وتلك جولة أخرى من جولات هذه الحرب الضروس، ويقف الإنسان في لحظات كهذه، أمام تحد وجودي حقيقي، ويبقى الهم الأبرز هو الوقاية، أي الحفاظ على النفس وحماية المجتمع، هذا إن كان يقرأ الواقع بشكل جيد ويهزم «هوى النفس» لصالح «الأنا الأعلى»، حسب تصنيف سيجموند فرويد.

ولتفعيل حالة «الأنا الأعلى» دائماً نحتاج إلى ضمير صحو بذاته، أو بفعل غيره إذ يساعد على إبقاء جذوة الوعي مشتعلة بين أفراد المجتمع، عبر تسليط الضوء على ما هو مهم حقاً، ويحتاج أي مجتمع إلى هؤلاء حاملي الشعلة عبر مختلف الوسائل المتاحة، فعلى الرغم من تفاوت درجات الوعي وفي القدرة على إدارة الذات أمام الأنانية أو الجشع أو الاستهتار، أو غيرها من الأوبئة النفسية المستترة في الظلام، يبقى دور التوعية الجادة ملموساً وحقيقياً لإحداث التغيير المطلوب في الأزمات.


كما يحتاج المرء بعد كل هذه الجهود التوعوية الجادة من الحكومات والأفراد، إلى تفعيل القانون الذي يُلزم الامتثال، فقد أثبتت هذه الأزمة أن مظاهر التمدّن والتحضّر أحياناً تخفي أطناناً من الجهل واللامبالاة لدى البعض.


ورغم الأسف الذي قد نشعر به تجاه هذه الممارسات التي قد تودي بحياة الكثير من الأرواح، إلا أنها فرصة للمكاشفة، ولرصد نقاط الضعف وما نحتاج تقويمه في المستقبل، وفي الجانب الصحي يقترح البروفيسور «فرانك سنودين» مؤلف كتاب «الأوبئة والمجتمع» الصادر عام 2019 وقبل أزمة فيروس كورونا بقليل، عن ضرورة اتخاذ 3 إجراءات عاجلة للحد من انتشار الأوبئة وهي: إنشاء أنظمة صحية فاعلة في كل مكان في العالم، والإرشاد والتنسيق الدولي بكفاءة أعلى من خلال منظمة الصحة العالمية، وتجسير الهوة بين النظام الاقتصادي والصحة العامة، عبر مراجعة العلاقة بين الممارسات الاقتصادية والبيئة المحيطة بالإنسان ومجتمعه، إذ يحب أن يعلو قانون الصحة العامة على قانون السوق دائماً، ويعلو على أرقام الربح والخسارة.