الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نقطة التحوّل في تاريخنا

في الوقت الراهن، أثناء الحرب العالمية ضد انتشار فيروس كورونا، يكون من المبكر التنبؤ بأي استنتاجات مستقبلية، ومع ذلك فإنه بإمكاننا القول: إن هذه الأزمة تقوم الآن بتغيير وجه كوكبنا.

وعندما نُمْعن النظر في هذا الوباء، فسوف نستنتج أن توازن القوى في العالم سيكون مختلفاً، ويمكننا أن نلاحظ أيضاً أن جولة جديدة من حرب المعلومات الدعائية بدأت تتكشف للقاصي والداني.

وسمعنا كلنا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يتحدث عن «الفيروس الصيني»، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية في تغريدة له: «ربما يكون الجيش الأمريكي هو الذي أطلق الوباء في ووهان»، وقالت صحيفة الواشنطن بوست في أواسط شهر مارس: «إن النظريات المضادة للأمريكان وجدت الحجة المناسبة في الصين، للترويج لفكرة تفيد بأن فيروس كورونا تم تخليقه في الولايات المتحدة»، ولقد تم نشر هذه الأفكار عبر الإنترنت، ولا شك أن هذه المزاعم تمثل صدى لحرب إعلامية عادية.


ويمكننا أن نخرج من هذه التطورات بثلاثة استنتاجات مؤكدة:


أولاً: صدقت صحيفة نيويورك تايمز عندما أشارت إلى أن الجهود الغربية لمكافحة فيروس كورونا باءت بالفشل، وكما قال خبير سياسي أوروبي، فإن الأزمة الراهنة كشفت عن الإفلاس الأخلاقي للحضارة الغربية، لأنها لم تحضّر نفسها لحماية الجنس البشري عن طريق الاختبارات، وفي المقابل نجد أن الصين وكوريا الجنوبية وبعض الدول الآسيوية الأخرى، دون أن نذكر روسيا، قد هيأت نفسها بالفعل للاهتمام بمكافحة الفيروس بأكثر من القوى الغربية كلها.

ويوم 20 مارس، كانت إيطاليا قد سبقت الصين في عدد ضحاياها من الالتهاب الرئوي الذي يسببه فيروس كورونا الجديد، ويكون من الجدير أن نذكر أن الأطباء الصينيين الذين وصلوا إلى إيطاليا للمساعدة، قد انتقدوا بشدة المعايير المتبعة للتصدي للأوبئة من طرف السلطات الإيطالية، كما أن الحجر الصحي هناك لم يكن صارماً بما فيه الكفاية.

ولعل ما يشير إلى معانٍ كثيرة هي أن مقاطعة الأبينين الإيطالية، حصلت على المساعدة الفعالة من الصين وروسيا وليس من الاتحاد الأوروبي أو حلف «الناتو».

وكل هذا يقودنا إلى الحقيقة التي تفيد أن الغرب لم ينجح في امتحان تجاوز الأزمة في الوقت الذي أثبتت فيه آسيا أنها قادرة على التعبئة ومواجهة المشاكل غير الاعتيادية في الوقت المناسب.

ثانياً: أظهرت الأحداث المرافقة لانتشار فيروس كورونا، نهاية ما يُعرف بالتضامن الأوروبي- الأطلنطي، وبما يعني أن الغرب لن يعود موحداً بعد الآن، ولن يغفر الأوروبيون لترامب إهماله لمصالحهم وتجنب التنسيق معهم.

وبعد «بريكسيت»، سوف يصبح مستقبل الاتحاد الأوروبي محل تساؤل كبير، ولقد حاولت جمهورية التشيك الاستيلاء على أدوية كانت موجهة إلى إيطاليا.

ثالثاً: بات من الواضح تماماً، اليوم، أن التصدي للوباء الجديد يتطلب من كل الدول، إعادة النظر في مواقفها من الأزمات، لأن الأوضاع الآن تحتاج للتعاون الفعال من أجل إنقاذ الأرواح.