الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«الكرولوكين».. رهان سياسي واقتصادي

في عز الحجر الطبي والعزلة الاجتماعية التي فرضتها السلطات الفرنسية على مواطنيها، لا حديث لوسائل الإعلام الفرنسية هذه الأيام إلا عن البروفيسور في علم الأوبئة «ديدي راوولت»، الذي فاجأ العالم عندما اقترح اللجوء إلى مادة الكلوروكين كدواء لفيروس كورونا.

الجدل الصاخب الذي تسبب فيه هذا الطبيب، منبعه أن بعض الأوساط الطبية والسياسة في فرنسا عارضت بشدة الخيارات العلاجية التي يقترحها، مؤكدة أن في بعض الحالات يمكن أن تشكل مادة الكلوروكين خطراً على صحة المرضى، وأن تُسرِّع في بعض الأحوال وفاتهم.

المدافعون عن الطبيب ديدي راوولت يؤكدون أنه لا يعتقد بتوصّله إلى اللقاح المعجزة، الذي سيقضي نهائياً على هذا الوباء، بل إن هذه المادة إذا أعطيت للمرضى في بداية المرحلة العلاجية فهناك حظوظ لكي تكون فعالة، وتوقف الوباء وتتوج بالشفاء، وهو يعترف أنه في المراحل النهائية لهذا المرض لا تنفع لا مادة الكلوروكين ولا أي مادة أخرى، وقد تطوَّع بعض رجال السياسة من الجنوب الفرنسي ككريستيان أستروزي للدفاع عن الاستراتيجية التي يقترح ديدي راوولت تفعيلها.


في شبكات التواصل الاجتماعي وعلى قنوات الأخبار المتواصلة، اشتعل جدل صاخب يتساءل حول الدوافع الحقيقية التي تقف وراء هذا الرفض من طرف أوساط نافذة باقتراحات الطبيب راووالت.


وجاءت استقالة البروفيسور راوولت من المجلس العلمي، الذي نصبه الرئيس إيمانويل ماكرون كهيئة استشارية لسياسة العمومية في حربه على وباء كورونا، لكي تصب الزيت على النار، وتنعش ثقافة المؤامرة والدفاع عن مصالح اقتصادية ضيقة في هذه المعركة، التي أرادها الرئيس ماكرون وهو يقوم بزيارات متعددة لبؤر الفيروس في فرنسا معركة يسندها إجماع وطني.

وفي خضم هذا الجدل، وتحت ضغط إعلامي غير مسبوق، اتَّخذت السلطات الفرنسية قراراً بمنح الأطباء ضوءاً أخضر للجوء إلى مادة الكلوروكين في بعض الحالات، في إطار ما علقت عليه بعض الأوساط السياسية بالمنعطف الحاد للرئيس إيمانويل.

ويعزو بعض المعلقين هذه الظاهرة إلى استراتيجية الرئيس الفرنسي الذي لا يريد أن يغامر بمستقبله السياسي، فإذا تبيّن أن مادة الكلوروكين فعَّالة ضد كورونا فهو خير للجميع، وإذا تبيَّن العكس فلن يتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية.