السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تقاسُم أوروبا.. السيناريو الأرجح

ما يجري اليوم من جدال ونقاش حول أزمة كورونا العالمية، أعاد إلى الأذهان مرحلة الحرب الباردة، والتي تقاسم فيها القطبان السوفييتي والأمريكي النفوذ في العالم تقريباً، وامتنعا خلالها عن الدخول في صدام مباشر، وكانت من أهم المناطق التي طبّقا فيها ذلك القارة الأوروبية، فبينما لحق القسم الشرقي منها بموسكو وحلف وارسو، تبع معظم القسم الغربي واشنطن وحلف الناتو.

ومن ينظر إلى الساحة الأوروبية اليوم، وما فعلته بها أزمة كورونا، يدرك أنّها تتعرض حقيقة إلى ظرف تاريخي مفصلي، سيترتب عليه تحولات جذرية كبيرة، منها: احتمال تفكك اتحادها، وإفلاس بعض دولها، واحتياجها إلى تدخل دولي ينقذها مما سيلحق بها من انهيارات وتراجعات لاحقة.

والسيناريو الأرجح والمتوقع، هو اتفاق أمريكي - صيني من خلف الكواليس على تقاسم النفوذ خاصة الاقتصادي منه في القارة العجوز، تحت مظلة إغاثة أوروبا وإنقاذها مما هي فيه، وذلك عن طريق قيام بكين باحتواء الانهيار الأوروبي في جزء من القارة عبر مشروع «الحزام والطريق»، وقد بدأت ذلك مسبقاً مع إيطاليا والبرتغال واليونان وصربيا لاحقاً، بينما تقوم واشنطن بالإعداد لمشروع «مارشال جديد» تدير به الجزء الآخر من القارة البيضاء، وقد بدأت ذلك بإخراج بريطانيا من المشروع الأوروبي وإلحاقها بالمشروع الأمريكي المقبل، وسيمر كل ذلك بطبيعة الحال بمراحل طويلة ومركّبة، فيها الكثير من التفاصيل والمقايضات.


إذن، نحن بشكل أو بآخر سنكون ربما أمام نظام دولي جديد سيتشكل بعد أزمة كورونا، تكون أوروبا مُنطلقه الجديد، كما كانت إبّان نظام الحرب الباردة مع اختلاف المعطيات التاريخية طبعاً، وشَكْل الصراع، وطرق الاستحواذ والتبعية.. لكن لماذا المطلوب تقاسم النفوذ في أوروبا تحديداً قبل غيرها لولادة هذا النظام الثنائي الدولي الجديد؟


في الواقع.. هناك اعتقاد راسخ ـ ربما عند أمريكا والصين ـ بأنّ النظام العالمي المقبل لا يتحمل تعدد الأقطاب، والأفضل لدى بكين وواشنطن أن يكون ثنائي القطبية، ففي هذا السيناريو يتم استبعاد أحد الأقطاب الدولية وهو الاتحاد الأوروبي، وقطع الطريق كذلك على روسيا.

وعليه، إن صحّ هذا السيناريو، فقد نشهد صياغة وولادة نظام دولي جديد توزع فيه أمريكا والصين إدارة العالم، سيكون أسهل لهما من خلاله الاستحواذ على مناطقه وأقاليمه، بعيداً عن منافسة الأقطاب الأخرى.