أرسلت الإمارات مساعدات طبية إلى إيطاليا، يستفيد منها نحو 10 آلاف من العاملين للمساهمة في إنقاذ أرواح الكثير من المصابين، وقد لا أفرط في التفاؤل بأننا محظوظون بأن الجائحة حدثت ورجل الإنسانية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بيننا، والذي يؤمن بأن حقوق الإنسان هي حقوق مكفولة لجميع البشر، وأنه يحظر الحرمان التعسفي من الحياة، وأن الأمن الصحي عصب الحياة وشريانها، فجميع هذه الحقوق مترابطة، وغير قابلة للتجزئة.
لكن ما يحدث على الصعيد العالمي في زمن كورونا ينتهك كل آليات تعزيز وحماية هذه الحقوق، وهو النقص الحاد في المعدات الطبية الضرورية؛ خصوصاً أجهزة التنفس ومعدات الوقاية، التأخير وإحجام البلدان الغربية عن تقديم يد العون للبلدان المجاورة والمنكوبة، لتهدئة الهلع المتزايد لدى شعوب العالم.
فكورونا كشف لنا الوجه الآخر لرعاة حقوق الإنسان، أدعياء الحضارة والقيم الزائفة! فمن المفترض في الدول المتحضرة التحلي بأحكام عقلانيّة ونبيلة في هذه الأزمة، وبإرادة سياسية نزيهة للسيطرة على الوباء، بدلاً من اللهث من أجل الهيمنة والنفوذ الاقتصادي والاستراتيجي، وتراشق الاتهامات، وتجاهل نداءات الإنسانية، في ظلّ إدارة سياسية عديمة الكفاءة والأخلاق، وتسييس القضية.
وأتساءل كما تساءل حاكم نيويورك: «من الذي يجب أن يموت أيضاً كي تدركوا أن عليكم مسؤولية؟»، إن الوباء أكبر من كل المواقف السياسية، إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - من باب النكاية - يُصر على تسمية: «الفيروس الصيني»، فمن الصواب القول إنها أزمة صينية بامتياز، لأنها أجادت إخفاء الحقيقة، والتستر والتضليل بدا جلياً، وفي المقابل تهاونت الدول الغربية، وقلّلت من حجم الخطر، وانتبهت للمرض في خطوة توصف بالمتأخرة، كما تحاول هاتان الدولتان أمريكا والصين حماية أنظمتهما وصورتهما الخارجية على حساب شعوب العالم، ما جعل الأخطاء تتراكم وتتعاظم ككرة الثلج!