الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

«أوروبا ما بعد الحجر».. مراجعات أليمة

حتى قبل الإعلان عن نهاية الحرب الأوروبية ضد كورونا، وفي وقت ظهرت فيه بوادر إيجابية مع انخفاض نسبي لحالات الوفيات والإصابات، بدأت السلطات السياسية في عملية إعداد المواطنين لعملية الخروج من الحجر الصحي.

ويعزو بعض الخبراء هذه الخطوة إلى الضرورة الاقتصادية، التي تفرض على هذه الدول إعادة إطلاق ماكينة الإنتاج المتوقفة منذ بداية تفشي الوباء، والوصول إلى قناعة بأن الحجر ذا المدى الطويل قد يشكل ضربة قاتلة لهياكل الاقتصاد، ويتسبب في موجة عارمة من البطالة في صفوف قطاعات واسعة من المجتمع.

وانطلاقاً من التصريحات الأولية التي باشرت بالحديث عن الحقبة المقبلة، فإن الخروج من الحجر سيكون تدريجياً وسيطال شرائح معينة من السكان، وبشروط صحية قاسية على المسنين وذوي المناعة الضعيفة.


لكن المرور إلى فترة ما بعد الحجر ستعرف نقلة نوعية في النشاط السياسي والمقاربات الاقتصادية.. سياسياً، توجد إرادة قوية لمحاسبة المسؤولين قضائياً، خصوصاً إذا تبيَّن بالدليل الملموس أنهم لم يتخذوا الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب لحماية المواطنين.


فعلى سبيل المثال، شبَّ في فرنسا جدل حاد في الإعلام لمعرفة الأسباب التي كانت وراء الإبقاء على الدورة الأولى من الانتخابات البلدية، خصوصاً أن العديد من رموز هذه الطبقة السياسية من نواب برلمانيين ورؤساء أحزاب ورؤساء بلديات أُصيبوا خلال حملتهم الانتخابية، وبعضهم خلال العملية الانتخابية.

من ناحية أخرى، فإن المواطن الأوروبي يطرح على نُخَبه الحاكمة هذا السؤال: كيف يعقل أن ننتمي إلى العالم الصناعي المتقدم وإلى دول هي الأغنى في المعمورة، ونجد صعوبة في الحصول على أبسط المعدات الطبية لمحاربة الوباء؟ هذا السؤال قد يرغم القيادات الأوروبية على إعادة النظر في النموذج الصناعي الأوروبي، الذي بدا واضحاً أنه فَقَد استقلاليته الإنتاجية، خاصة على بعض المستويات الحيوية لأمنه واستقراره.

وفي الوقت الذي رفع فيه البعض شعار تأميم القطاعات الحيوية لمنعها من الانهيار، فُرِضت ضرورة إعادة توطين بعض الصناعات الحيوية على التراب الأوروبي على النقاش العام بعدما كانت هاجرت إلى الصين بسبب انخفاض كلفة الإنتاج وتواجد المهارات.

شعار اليوم في أوروبا لمواجهة المحن المقبلة، أمنية أو وبائية، على القارة العجوز أن تكون قادرة على حماية مواطنيها وتلبية حاجياتهم الضرورية.