الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الغرب..و«الصدع الحضاري»

ربما بات من الواضح لكل إنسان أن التاريخ القصير للقرن الـ21 سوف يكون مقسّماً في المستقبل القريب إلى مرحلتين أو تقويمين: «ما قبل انتشار فيروس كورونا» و«ما بعده»، وهذه الأحداث التي نشهدها الآن تمثل نقطة تحوّل يُقدَّر لها أن تعمل على تغيير الاقتصاد والسياسة على مستوى العالم.

وتتجلى إحدى أهم التداعيات الواضحة للكارثة التي نعيشها الآن بظهور «الصدع الحضاري» Civilizational rift، حيث تكتفي الدول الغربية بالتعبير عن الخوف على نفسها، لأنه لم يسبق لها أن مرت بمثل هذا الاختبار الصعب، ولأنها تعودت أن تضع نفسها في الصف الأول في أي قضية أو مشكلة، بحيث تدفع ببقية العالم إلى الصف الثاني.

وسوف يشهد الاقتصاد العالمي مرحلة التباطؤ الشديد حتى لو صح افتراض صندوق النقد الدولي بأن يحدث التعافي الاقتصادي خلال عام 2021، كما توقعت منظمة العمل الدولية أن يؤدي انتشار الفيروس إلى إلغاء 195 مليون منصب عمل خلال 3 أشهر، إضافة إلى شلل سيصيب أسواق الأسهم.


ولم تكتفِ الدول الغربية الكبرى بإثبات عجزها المفجع عن التعامل مع هذه الأزمة الصعبة، بل إنها عملت على حرمان الدول النامية من الحصول على الكمامات الطبية وأطقم الحماية الفردية وبقية التجهيزات الضرورية.


وبات واضحاً أن الفجوة التي تفصل بين أغنياء العالم وفقرائه آخذة في الاتساع، وهي في الحقيقة الفجوة القائمة بين الغرب وبقية الحضارات.

وبناء على ما تقوله منظمة الصحة العالمية فإن نصف سكان الكرة الأرضية على الأقل لا يستفيدون من خدمات الرعاية الطبية الضرورية حتى في الظروف العادية، فما الذي يمكننا قوله حول الوضع خلال الأزمة؟

ولنضرب مثلاً بدولة باكستان، فهي تؤوي 200 مليون ساكن، حيث تشير مرجعيات طبية إلى أن نحو 4 آلاف باكستاني يموتون كل يوم بسبب مرض السلّ، و1500 بسبب مرض الملاريا.

ونشير إلى أن روسيا والصين قدمتا المساعدات الطبية للولايات المتحدة وإيطاليا، وعدداً من الدول الأخرى، وتطوَّع 50 ألف طبيب كوبي لمكافحة الأمراض في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وقدمت دولة الإمارات العربية المتحدة مساعدات طبية مهمة لكل من إيران وسوريا، فيما قدمت تركيا مساعدات مماثلة للولايات المتحدة.

وأثبت انتشار فيروس كورونا أنه من الضروري إعادة النظر في المبادئ التي يقوم عليها نظام التعاون الدولي، ونحن نتحدث هنا عن شروط بقاء الجنس البشري، وإذا لم نُعِد تنظيم أنفسنا فلن نتمكن من التعامل مع انتشار فيروسات المستقبل.