الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

شرق آسيا.. وموجة «كورونا» الثانية

تتهيأ شعوب شرق آسيا وتحضِّر نفسها لمواجهة التداعيات الخطيرة، التي قد تنطوي عليها موجة الانتشار الثانية لفيروس كورونا المتحور (كوفيد-19).

وكانت الدول التي تحيط بالصين: تايوان وكوريا الجنوبية واليابان، قد تعرضت للموجة الأولى من انتشار الفيروس خلال شهر يناير الماضي، وسجَّلت تلك الدول بعض النجاح الذي يُحسب لها في مجال التخفيف النسبي من تأثيراته الخطيرة على مجتمعاتها، وخاصة من حيث تخفيض عدد الوفيات بسبب الفيروس، بحيث لم يتجاوز بضع العشرات حتى نهاية شهر فبراير الماضي.

وعندما كانت دول شرق آسيا، التي وصلها الفيروس الجديد في مرحلة امتصاص صدمة الموجة الأولى، بدت الدول الغربية وكأنها أصبحت مكتوفة الأيدي لا حول لها ولا طول، واكتفت بمراقبة الوضع على هامش الأحداث، وهي ترتجف خوفاً وقلقاً من تداعياته عليها.


ووجَّه بعضها انتقادات لاذعة للحكومات الآسيوية، بسبب تأخرها عن اتخاذ التدابير الضرورية اللازمة للتصدي للفيروس قبل انتشاره على هذا النحو الخطير، وأظهرت دول غربية أخرى تحيُّزاً علنياً مثيراً للشكوك عندما زعمت أن هذا الوباء هو نتاج الثقافة الآسيوية الغريبة.


وعندما تفشَّى الوباء بسرعة وعلى نطاق واسع في دول أوروبا والولايات المتحدة في شهر مارس، كانت نتائجه كارثية وأكثر سوءاً بكثير مما حدث في دول شرق آسيا، حيث خلّف عشرات ألوف الضحايا وأكثر من 700 ألف إصابة جديدة بالوباء خلال ذلك الشهر وحده.

وسارعت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات متنوعة خلال سعيهما الحثيث للحد من انتشار الوباء، منها: إغلاق الحدود المشتركة فيما بينها، وعزل المدن ووضعها في حالة الحجر، وفرض حظر التجول لأوقات طويلة من الليل والنهار، والحد من الحريات الأساسية للمواطنين مثل: تقييد حرية الحركة والتنقل بين المدن. ويبدو من المبكر جداً الحديث عن مؤشرات تراجع انتشار الفيروس في تلك الدول.

ومع هذا الفشل للأنظمة الغربية للصحة العمومية في مواجهة الضربة الأولى، وما أدت إليه من إغلاق للحدود، حدثت ظاهرة سلبية أخرى تمثلت في عودة العالقين في البلدان الغربية إلى بلدانهم، وهو ما أدى إلى إطلاق الموجة الثانية من انتشار الوباء في اليابان، حيث بدأ عدد الإصابات بالارتفاع من جديد منذ نهاية شهر مارس، بما أجبر الحكومة على إعلان حالة الطوارئ يوم 7 أبريل الجاري، وطالبت المواطنين بالتوقف عن ممارسة النشاطات غير الضرورية.

ولهذا «تسونامي» موجتان، أولى وثانية، وكنا رأينا كيف اندفعت الموجة الأولى بسرعة عالية وضربت بقوة، ولا شك أن الموجة الثانية سوف تكون أكثر شراسة وعنفاً، وسوف تترك أثرها البالغ على الفئات التي تأثرت بقوة بتداعيات الموجة الأولى.

ويُذكر أن دول شرق آسيا التي تلقّت الضربة القوية ولكنها نَجَت من الموجة الأولى لانتشار «كوفيد-19» الآتي من الصين، أصبحت تعاني من موجة ثانية تأتي من أوروبا والولايات المتحدة هذه المرة، وربما تكون أكثر فتكاً بكثير من الموجة الأولى.