الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

كورونا وكبوة الصين

لطالما أُعجب العالم شرقاً وغرباً بالتجربة الصينية، فقد استطاع الصينيون وخلال فترة زمنية لا تتجاوز الثلاثة عقود، صناعة معجزة حقيقية، على الصعيد الاقتصادي.

نجحت الصين في تحويل الملايين من شعبها من تحت مستوى الفقر إلى مستوى الاكتفاء، وملايين أخرى حققت درجة عالية من درجات الرفاهية.

نجاحات الصين أغرت كثيراً من دول العالم بأن تقوم بنقل الكثير من المصانع إلى أراضيها، انطلاقاً من توافر الأيدي العاملة الرخيصة، واعتبار الصين بوصفها الحالي قد أضحت رواق الأمم، حيث جميع شعوب العالم تتوجه إليها، وتتعاطى معها تجارياً.

باتت الصين في العقود الثلاثة الماضية، مهددة للقوى الدولية الكبرى لا سيَّما الولايات المتحدة الأمريكية، ليس من خلال الردع النووي، ولكن عبر ما يُعرف بالردع النقدي، فقد جنت أرباحاً وفيرة جداً من نهضتها الصناعية الصاعدة في أعلى عليين، وعلى غير المصدق أن يولي وجهه شطر سندات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث يجد استثمارات صينية في هذا الإطار تفوق 2 تريليون دولار.

على حين غرة، بدأ العالم وكأنه يعيش في فيلم من أفلام الخيال العلمي، ما الذي جرى على وجه التحديد، كيف خرج فيروس كورونا من قلب الصين ووصل إلى قارات الأرض الست؟

ما يزال الجواب بعيداً عن الحقيقة، ومن هنا، بدأت في واقع الأمر الكبوة الصينية، وهي في غالب الأمر سوف تكلف الصين كثيراً في قادم الأيام.. كيف ولماذا؟

من الواضح أن الصين تأخرت في إنذار العالم، وربما لو قامت بالفعل بقرع جرس الإنذار منذ بداية ظهور الحالات في أواخر شهر ديسمبر، لتغير حال العالم.

ظهر كورونا في مدينة ووهان الصينية، كيف ظهر، هل انتقل بالفعل من الخفافيش إلى الإنسان كما قال الصينيون أول الأمر؟

لا يبدو أن الأمر كذلك، وفي غالب المشهد أنه تسرب ولو بطريق غير مباشر، وغير مقصود من خلال مختبرات مدينة ووهان عبر أحد العاملين هناك، إلى خارج أسوار المعمل، ومنه إلى المقاطعة التي تتجاوز العشرة ملايين شخص.

لماذا لم تسارع الصين إلى إغلاق مطار المقاطعة الدولي، من اليوم الأول، لتمنع خروج الصينيين منها أو الدخول إليها، هل هو الارتباك، أم الخوف على المنافع الاقتصادية التي ستحرم المقاطعة منها تالياً؟

لا أحد يملك الجواب الشافي الوافي حتى الساعة عما جرى، لكن يوماً تلو الآخر تبدو الصين مرتبكة، إذ تتكشف حقائق، وتعلن بنفسها عن أرقام إضافية للذين قضوا من جراء كورونا، الأمر الذي دفع الرئيس ترامب، إلى الإعلان أن وفيات الصين تعادل ضعف من قضوا في أمريكا، وهؤلاء قد تجاوزوا الثلاثين ألفاً في مشهد جنوني لا يصدق.

أضحت الحكومة الصينية في موقف لا تحسد عليه، وبدأ الجميع يستعيد حديث الدولة الصينية الشمولية التي سيفقد الجميع ثقته فيها، فكيف للعالم أن يتعاطى مع الذين تسببوا في انتشار هذه الجائحة حول الكرة الأرضية.

خسارة الصين قد تكون مكلفة جداً، ذلك أن أول خسائرها سيكون طريق الحرير الجديد، كما أن سلعها لن يكون مرحباً بها في دول العالم لسنوات طوال، أما الطامة الكبرى، فإن الولايات المتحدة سوف تثأر بطريق أو بآخر من الصين، وقد بات الشعب هناك مهيَّأً بعد الذي رأوه من كورونا.

الصين أمام كبوة حقيقية لا سيَّما مع عودة انتشار كورونا مرة أخرى.