الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كورونا.. والقوى الدولية

لا أحد يمكنه الابتعاد عن الأزمة الصحية التي تصيب العالم، وهي لا تكاد تخطيء أحداً، واليوم كل الدول تختبر قدراتها وبنيتها الصحية أمام جائحة (كوفيد-19)، ذلك الوباء الذي بدأ يغير المفاهيم الدولية ويعيد تشكيلها من جديد بشكل لم نألفه من قبل، بل يكشف مواطن الضعف العالمي، حيث إن الاهتمام بالبشر خلال القرن العشرين انعكس بشكل سلبي، وتضاعف عدد الفقراء في العالم إلى ما يقارب ربع عدد سكان المعمورة بحسب إحصاءات البنك الدولي في عام 2019، وهذا يعني أن العالم مهدد بأزمات صحية تتناسب طردياً مع تزايد حالات الفقر، وحيث لا يمكن للدول الغنية السيطرة على الأزمات وفق محيطها الجغرافي، كون التأثير أكبر من مجرد إغلاق الحدود، سيكون ذلك وبالاً على الدول الفقيرة.

إن جائحة كورونا أصابت تقريباً كل الدول، وهذا الوباء لن يغادر الأرض إلا بإجراءات مكلفة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وهنا جملة من الأسئلة الهامة، منها: كيف الوصول إلى لب الأزمة الدولية في هذه الجائحة، وهل فتحت الحداثة التي وجدت خلال القرن العشرين آفاقاً جديدة للشذوذ الإنساني؟ وهل أصبح مفهوم تقدم الدول موضع شك كبير؟.. وما بين القوى الدولية تدور الأسئلة حول من هو الأكثر قدرة على ممارسة دور القيادة أمام هذه الجائحة؟

جائحة كورونا لن تكون مرهونة بالزمن الذي سوف يقضيه هذا الوباء منتشراً ومتجولاً، فقد كانت فرصة كبرى لإعادة التفكير في الكيفية التي يمكن أن يكون عليها العالم بعد عقود من الزمان، ومعايير الإنسانية تعاني من تغير في مفاهيمها، ويبدو أن القوميات ومصالح الدول ستعيد ترتيب هذا الكون، فعلى سبيل المثال قد تحتاج أمريكا إلى رئيس آخر يشبه (توماس جيفرسون) ليعيد تصحيح مفاهيم الإنسان الأمريكي من جديد.


العالم اليوم مضطرب في تحديد اتجاهات القوة، وترتبك خياراته في كل المجالات، فهو يواجه أزمة عالمية حيث لا تستطيع دولة مواجهتها لوحدها، ولكن النظام العالمي يفرض الالتزام من الدول الأكثر قوة لترتيب الصفوف وتحديد مستوى القيادة، وهذا ما ينتظره العالم في سباق بين القوى الدولية التي ترتدي الكمامة ذاتها لمحاربة (كوفيد-19)، ولكن بمعايير مختلفة، واتجاهات القوة العالمية في محاربة هذا الوباء تتَّجه إلى طرح الأسئلة المهمة حول النتائج المحتملة لشكل العالم، وتوزيع قواه بعد أزمة كورونا.