الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الإعلام الهندي وتغطية الأزمة

يضطلع الإعلام بدورين رئيسيين باعتباره «السلطة الرابعة»: مراقبة أداء السلطات وتمثيل مصالح الشعب، وبحسب مالكوم أكس: «وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين والمذنبين أبرياء، وبهذه القوة تتحكم في عقول الجماهير».

وإذا استغل الإعلام قوته لتشويه صورة فئة ضعيفة لا تملك وسائل الدفاع عن نفسها، فما رأيك في هذا الإعلام؟

يمر العالم كله بأزمة جائحة كوفيد-19 الذي عطّل العالم وخلف أعداداً هائلة من الإصابات والوفيات، وجعل الحكومات تبذل جهودها القصوى للمحاربة، وهنا تزداد مسؤولية الإعلام في تثقيف الجماهير بالوقاية ونقل الأحداث للتخفيف من وطأة الحجر، خصوصاً عن الفقراء والمستضعفين، وتساعد الحكومة في السيطرة على الوباء.


على عكس ذلك، يخوض جزء كبير من الإعلام الهندي المرئي والمقروء حملة مكثفة لتشويه صورة «جماعة الدعوة والتبليغ الإسلامية» التي عقدت اجتماعاً دولياً في مقرها بنيو دلهي في 13 - 15 مارس، بمشاركة وفود أجانب كان بعضهم مصابين بالفيروس، وبسبب الإغلاق التام لم يستطع حوالي 1200 منهم مغادرة المركز.


فأخذت القنوات الإخبارية تحمّل أعضاء جماعة التبليغ مسؤولية انتشار الفيروس في الهند، ووصفتهم بـ«قنابل بشرية»، و«جهاديو كورونا»، وغيرهما من التوصيفات، وأذاعت أحياناً أخباراً مزورة مبالغاً فيها عن دور جماعة التبليغ في التفشي، ولم يقتصر الأمر على هذا بل أخذ الإعلام يصور المسلمين عموماً في صورة بشعة.

أسفرت الدعاية المكثفة ضد الجماعة خصوصاً، والمسلمين عموماً عن نشوء جو من الكراهية الشديدة ضد المسلمين في الهند متسبباً في وقوع حوادث العنف ضدهم، والدعوة إلى التباعد الاجتماعي والاقتصادي بحقهم، ونصح الكاتب الإسرائيلي يوال نوح هراري لمذيع قناة هندية: «الهند، كونها أمام تحدٍ كبير إزاء مجابهة كورونا جراء نقص التسهيلات الطبية، أحوج إلى التضامن الاجتماعي بدلاً من التنافر الطائفي، وتحميل المسلمين مسؤولية نشر الفيروس مؤسف للغاية».

لا ننكر خطأ الجماعة المذكورة ومسؤوليتها عن زيادة الانتشار، ولكن أخلاقيات الصحافة تقتضي عدمَ تفسير الحدث من المنظور الطائفي، وتجنب نقل الأحداث لتأجيج المشاعر الطائفية وإذكاء التنافر ضد فئة معينة، فيما لن يجوز للإعلام اتباع معايير مزدوجة في نقل الأحداث، فقد حصلت في الفترة ذاتها، وحتى بعدها تجمعات دينية وسياسية كثيرة في الهند خالفت قواعد التباعد الاجتماعي.

المسلمون كإخوانهم من الهندوس وآخرين يحبون بلدهم، وهم مستعدون دائماً للفداء بأرواحهم وبكل يملكونه من غالٍ ورخيص لأجل الوطن، وعليه يحسن بالإعلام ألا يصوّرهم شياطين كي لا يفقدوا أملهم في الحياة الكريمة.