الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

إعادة تعريف القمم العربية

حين تعاود القمم العربية الانعقاد، ينبغي أن تكون هناك إعادة هيكلة سياسية في الأولويات المتصدرة لجدول الأعمال، ولتكن البداية من الوقوف عند تعريف معنى القمة و(شرعية) استمرارها من دون مشاركات زعامات الصف الأول جميعهم فيها.. تلك الظاهرة اللافتة في سبعة عشر مؤتمر قمة عربية في الصيغتين العادية والطارئة في خلال العقدين الأخيرين.

التحديات اليوم تتجاوز الخلافات الثنائية العربية إلى محيط أكبر يجبر العرب على أن يكونوا على مستوى عالٍ من الاستجابة لمتغيرات ما بعد الهزتين العظيمتين، الأولى تخص أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، والثانية هبوط أسعار النفط بشدة.

وكلتا الهزتين قابلتان للتكرار في أي زمان ومكان بسبب عوامل مشتركة، أهمها: بحث الدول الكبرى عن الزعامات الفردية العسكرية أو الاقتصادية، غير أن فيروس كوفيد-19 تسلل إلى أكبر حاملتي طائرات جيوش العالم، الحاملة الفرنسية شارل ديغول، والحاملة الأمريكية روزفلت، وباتت الحصانة العسكرية الذاتية نسبية وغير حاسمة أيام الجوائح.


أما النفط والغاز، فليس لهما من حصانات سوى أن يوظف بعض عائداتهما في مشاريع تليق أن تبحثها القمم العربية في توزيع الطاقات الاقتصادية الإنتاجية على الكثافات البشرية، بما يضمن أن يكون النفط عاملاً إنتاجياً وتنموياً في بناء المجتمعات العربية في الدول الفقيرة والغنية على حد سواء، ولنتخيل أنّ القمة العربية افترضت أنّ سعر النفط انخفض خمسة دولارات فقط، وحوّلت هذا المبلغ إلى خطة استثمارية للتكامل العربي ذات صندوق سيادي داخلي لمدة ثلاث سنوات، وتجري مراجعتها في كل مؤتمر قمة، ألا يمكن لهذا الفيض الإنتاجي الزراعي والحيواني والصناعي والصحي أن يكون وقاية للبلدان العربية التي من الممكن أن تتعرض لأزمات غذائية إثر الجائحة؟


لقد أعلنت منظمة الغذاء العالمية (فاو)، أن أزمة كورونا انعكست سلباً على إنتاج الغذاء من حيث كميته وأسعاره وتنوّعه ووسائل نقله وانسيابيته، كما أنّ بعض البلدان العربية كانت أرضاً خصبة للحروب في العقود الماضية وبعضها لا يزال كذلك، وهذا يعني أنّ ملايين الناس سيكونون دون أمن غذائي أو صحي أو اجتماعي، وهذا الأمر لا يمكنه المكوث في حدود دولة عربية من دون التسرب إلى دول مجاورة مهما كانت قوتها الاقتصادية والعسكرية.

في الأزمات الدولية الكبرى، لا تستطيع أي دولة الاعتماد على اكتفائها الذاتي من الإمكانات، ولم يعد منسجماً مع مفاهيم الأمن العام للدول الغنية أن تكون مثل جزر منقطعة في أوساط فقيرة ومهمشة.