السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

إعصار الجائحة.. و«الجامعة النائمة»

يبدو أن جامعة الدول العربية لم تسمع أو تشاهد أو تعلم أي شيء عن أنباء فيروس كورونا، وما فعله بالعالم، والدول العربية التي تمثلها تلك الجامعة التي تصر أن تلقب بـ«الجامعة النائمة».

العالم كله وبجميع تقسيماته الجغرافية وخطوط طوله وعرضه انشغل وانقلب وتغير بسبب انتشار الفيروس وسرعته، إلا جامعة الدول العربية صامدة بتقاليدها الراسخة بعدم التغيير، فبقيت محافظة على صمتها، وعدم مبادرتها في إبداء أي ردود أفعال إزاء ما يحدث في محيطها العربي على الأقل.

فيروس كورونا متناهي الصغر، أقام الدنيا ولم يقعدها، مراكز بحوث عالمية انكبت على دراسته لإيجاد لقاح أو عقار لإيقاف زحفه، ودول مختلفة وحدت جهودها وأموالها لدعم هذه البحوث.. الأمم المتحدة ومن خلال منظمة الصحة العالمية، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة العشرين برئاسة المملكة العربية السعودية، كلها تعمل جاهدة ليلاً ونهاراً لإنقاذ البشرية من هذا الفيروس، إلا جامعة الدول العربية حافظت بقوة على صمتها وسكونها.


كنا نتمنى مثلاً، أن يشكل هذا الفيروس صدمة كهربائية صاعقة لجامعة الدول العربية فتستيقظ من سباتها لتحرك مؤسساتها ومنظماتها الصحية والإعلامية والاقتصادية، وتدعو لاجتماعات فاعلة ليست لاجترار الكلام أو لأغراض التنديد والشجب لمؤامرة الفيروس ضد العرب، وإنما للعمل من أجل دعم الشعوب العربية للتصدي لهذا العدوان الغاشم الذي أصاب عشرات الآلاف وتسبب بموت المئات منهم.


ومن ضمن ما كنا نتمناه دعوة الأطباء االعرب، داخل العالم العربي وخارجه، المتخصصين في علم الفيروسات، وما أكثرهم، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، لتأسيس مركز علمي متطور لبحث إيجاد طريقة ناجعة لإيقاف تدفق الفيروس على الأقل، ولتثقيف شعوبنا على الحذر من طرق انتشاره، وأن تشكل منظومة اقتصادية لدعم الدول العربية الفقيرة وإمدادها بالمعقمات والكمامات والأدوية والمستلزمات الطبية لمواجهة الخطر، وإنشاء مستشفيات بسرعة، وتجهيزها لاستقبال المصابين، وأن تشعر الشعوب العربية، التي افقرتها سياسيات حكامها والحروب العبثية، بأن أشقاءهم معهم، وأن جامعة الدول العربية جامعتهم التي تعمل من أجل دعمهم في أكثر الأوقات خطورة، لكن للأسف هذا لم ولن يحدث.

بالتأكيد، إن اعصار كورونا غيّر وسيغير كثيراً من المفاهيم والممارسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونتمنى أن يغيّر وبقوة ممارسات جامعة الدول العربية، التي لم تعد محل ثقة الأنظمة والشعوب.