الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كورونا.. «تسطيح المنحنى» والانهيار

ينتقل العالم تدريجياً من طور الصدمة والرعب من فيروس كورونا إلى مرحلة التعب منه، وخلال الأشهر الأولى لتطور انتشار الوباء بشكل سريع من الصين، كانت هناك إجراءات صارمة مطلوبة ومقبولة للحد من انتشاره، وكان الشعار الأبرز الذي تم تداوله في جميع أنحاء العالم خلال تلك الفترة هو «تسطيح المنحنى»، الذي يمثل العبارة الأكثر شهرة، لأنه يقدم تصوراً ملخصاً ومعبراً بقوة عن طبيعة العمل الجماعي أو المشترك المطلوب لوقاية المواطنين والمجتمع من الضرر الكبير، والدمار الذي يمكن أن يحل به بسبب كورونا.

كما يعني مصطلح تسطيح المنحني أيضاً: إبطاء سرعة انتشار الفيروس، وتأخير لحظة بلوغ ذروة العدوى من المرض، وتخفيض عدد حالات الإصابة في أي لحظة من اللحظات.

وينطوي تسطيح المنحنى وتقليص عدد المرضى المصابين في وقت واحد، على ميزة تخفيف الأعباء الواقعة على المستشفيات وأنظمة الرعاية الطبية، التي يتطلب الأمر توفير خدماتها لصالح المرضى ذوي الحالات الحرجة.


وعندما يبذل مواطنو بلد ما أقصى الجهود الممكنة لتأخير بلوغ ذروة الانتشار، وينجحون في التحكم بسرعة انتشار العدوى، وتأخير زمن بلوغ ذروة الانتشار قدر الإمكان، فإنهم يمنحون بذلك الباحثين في المجال الطبي والصيدلاني الوقت الثمين اللازم لتخليق وتطوير اللقاحات وأساليب العلاج الخاصة بهذا الفيروس ذي الخصائص الغامضة.


وبمعنى أبسط، فإن تخفيض عدد حالات العدوى عامل بالغ الأهمية من أجل تجنب انهيار البنى التحتية لنظام الصحة العمومية برمته.

وفي اليابان، وبتاريخ 23 فبراير الجاري، تم توزيع نسخة من تقرير يحمل عنوان «مبدأ أساسي» للمعايير المضادة للفيروس الجديد، تضمَّنت النسخة صورة واحدة تشتمل على كل المعارف المطلوبة حول «تسطيح المنحنى» وهي مرفقة بشروح توضيحية مفصلة.

ومنذ ذلك الوقت، بذل الشعب الياباني أقصى الجهود الممكنة لتطبيق وصايا وإرشادات ذلك التقرير، والإسهام الجماعي في تسطيح منحني انتشار العدوى، ويمكن أن يوصف هذا الإنجاز الشعبي بأنه ناجح تماماً، وكان من المفاجئ أن ينخفض عدد الموتى بسبب فيروس كورونا إلى بضع مئات بدلاً من بضعة آلاف أو عشرات الآلاف.

ويبدو من الطبيعي أن تظهر مؤشرات التعب الواضحة على الشعب الياباني، وكان السؤال الذي يبحث عن جواب: إلى متى سيستمر الحال؟.. يمكن القول بشكل أكثر وضوحاً إن الشعب أصبح شديد الرغبة في معرفة إلى أي مدى يجب أن ينتظر؟

يمكن للناس أن يتحدوا من أجل تحقيق هدف الحفاظ على المجتمع، ويمكنهم أن يدفعوا الثمن الباهظ لتحقيق هذا المطلب من النواحي الاقتصادية والنفسية ما دام الهدف واضح المعالم، ويمكنهم تحمل نتائج التمسك به.

وإذا بدأ الشعب بإدراك حقيقة أنه تعرض لخدعة الاشتراك في سباق ماراثون طويل، مع إعطائه معلومات كاذبة توحي له بأنه يشارك في سباق للمسافات القصيرة، فإن شروط الوحدة الوطنية والإذعان لإرادة السلطة يمكن أن تنهار.