الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

البترول.. أول ضحايا كورونا

لا أحد يعلم، حتى الآن، إلى أي مدى تصل خسائر كورونا، لأن الأرقام تتغير كل ساعة، ولقد اقترب عدد الإصابات من ثلاثة ملايين، وتجاوز عدد الوفيات الـ200 ألف شخص وما تزال الأرقام في ازدياد.

إن هناك دعوات كثيرة تطالب بفتح مجالات العمل والإنتاج وإلغاء الحظر حتى ولو كان هناك المزيد من الخسائر البشرية، وهذا يعني أن العالم يرى أن الخسائر سوف تتجاوز أعداد البشر، وأن الاقتصاد العالمي سيكون شيئاً مختلفاً بعد كورونا، وأننا سوف نشهد عالماً جديداً.

إن أخطر المجالات التي لحقت بها الخسائر بعد البشر هي الاقتصاد، ونحن الآن أمام مؤسسات ضخمة تحسب بالأرقام ما بعد كورونا، ففي يوم من الأيام كان البترول سيد الاقتصاد العالمي، وقد ظلَّ لعشرات السنين يتحكم في معدلات الفقر والثراء بين الدول، وكان مصدر الإنتاج في أهم الشركات العالمية، ومن غير البترول لم يكن هناك وسائل اتصال، ابتداءً بالسفن والطائرات والسيارات، وانتهاءً بأنواع الأسلحة الحديثة، وبعد ذلك كله، فإن البترول هو الذي وصل بالبنوك والمصارف إلى هذه الأرقام الضخمة من المليارات، كما أنه كان السبب فيما شهده العالم في المنشآت وناطحات السحاب والمباني الشاهقة، وقبل ذلك كله، فإن البترول هو الذي فتح الملايين من فرص العمل، ولا نبالغ إذا قلنا إن البترول كان السند الحقيقي للاقتصاد العالمي، وأن الإمبراطوريات الضخمة قامت على هذا الرهان الرهيب.


ولقد حاول العالم البحث عن وسائل بديلة للبترول، ابتداءً بمصادر الطاقة، وانتهاءً بالبترول الصخري، وقد اتضح أن هذه التجارب فشلت بسبب ضخامة الكلف، وما تتحمله وسائل الإنتاج من أرقام فلكية للوصول إلى بدائل للذهب الأسود.


إن أخطر ما ترتب على كارثة كورونا، هو ما حدث لأسعار النفط التى وصلت بالبترول الأمريكي إلى أرقام لم تحدث من قبل، حتى إن سعر البترول أصبح أقل من سعر المياه، وإن الكارثة الكبرى لم تكن فقط في الخسائر البشرية والآلاف الذين ماتوا بسبب الفيروس، ولكن البترول كان سبباً فى خسائر ضخمة سوف يتحملها الاقتصاد العالمي.

إن الطائرات التي توقفت، والمصانع التي أُغلقت، ومصادر الإنتاج التي أفلست.. كل هذه المؤسسات سوف تعاني كثيراً أمام خسائر البترول، وقد اتضح ذلك كله في أسعار الأسهم في البورصات العالمية، وانهيار الإنتاج الزراعي والكساد في عمليات البيع والشراء والاستيراد والتصدير.

إن البترول سوف يقف وراء كل هذه الخسائر، لأن هناك دولاً كثيرة قد توقف الإنتاج، لأن الكلف سوف تكون أعلى من أسعار الاستخراج، وقد تتوقف شركات كبرى أمام هذه الكارثة.

وفي يوم من الأيام، سوف يذكر التاريخ أن أسعار البترول، غيَّرت حسابات كثيرة في حياة الشعوب، وأنه كان ثورة في العمل والإنتاج والتقدم، وأنه كان أيضاً نهاية مسلسل طويل حين هبطت أسعاره أمام كورونا الذي غيَّر كل الحسابات.