الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الاقتصاد وكورونا.. معركة الحسم

لقد أحدث فيروس كورونا صدمة مدوّية ومؤلمة للبشر خلال الشهور الماضية، حيث تسبب لهم بالخوف والمرض والموت، وأوقف حياتهم بالمجمل، وعطّل مصالحهم ومصادر دخلهم وحبسهم في منازلهم، وأصاب الاقتصاد العالمي في مقتل، حيث الخسارات الهائلة والانهيارات والإفلاسات المتوقعة بمليارات الدولارات.

لكن الملاحظ، اليوم، أنّ الاقتصاد يخوض معركة حياة أو موت بسبب تأثيرات ذلك، وقد بدأ يستفيق ويستيقظ، ويعد خطته لاستئناف نشاطه من جديد، فقد تُصاغ المعادلة العالمية، اليوم، على الشكل التالي: لقد قتلَنا فيروس كورونا عضوياً ونفسياً وشلّ حياتنا، لكن لا يجب السماح له أن ينهينا اقتصادياً، وهذا ما يفسر الإجراءات المتشابهة لمعظم دول العالم بمحاولة فك الحظر والحصار المفروض على الناس جزئياً، وفتح الأسواق تدريجياً وبتسارع زمني ملحوظ.

الآن، يبرز السؤال الآتي: إذا كانت هذه هي الخطة الدولية المطروحة اليوم.. فكيف يمكن حماية الناس من تأثير وعدوى هذا الفيروس القاتل وضمان حياتهم لحين اكتشاف العلاج واللقاح له، والذي من الممكن أن يأخذ وقتاً حسب تصريحات المختصين؟


إن الواضح مما يجري عالمياً، أنّ الدول ربما تستند في ذلك إلى استراتيجيَّتَين:


الأولى: المراهنة على دورة حياة الفيروس وقدرته على الإيذاء، باعتباره كغيره من الميكروبات والفيروسات يملك عمراً تأثيرياً محدداً، يضعف بعده ويبدأ بالتلاشي كما يقال، فعندما تتجاوز أي دولة فترة الذروة لهذا الوباء وتبدأ الإصابات بالتراجع، تقوم بفتح مجالات وقطاعات الحياة والاقتصاد جزئياً وعلى مراحل.. وهكذا.

الثانية: القبول بمعايشة الفيروس، حيث لا بديل عن ذلك كما يقولون، ولكن بأخذ الاحتياطات اللازمة وتطبيق الاشتراطات المعروفة للوقاية من عدواه، مقابل الشروع بإعادة الناس إلى الأسواق وممارسة الأنشطة التجارية والحياتية المختلفة، إنقاذاً لهم وللعالم من مشكلات وكوارث اقتصادية حاصلة ومتوقعة.

وبالتالي، يمكن القول: إنّ الاقتصاد العالمي قد بدأ فعلاً معركته المصيرية مع الفيروس، محاولاً الانتصار لنفسه عليه، لكن يبقى التحدي الأصعب للدول، اليوم، وهو: كيف يمكن تحقيق الهدفَين المهمَّين معاً: اتقاء خطر الإصابة بعدوى كورونا ومحاصرته، فقيمة الحياة لها الأولوية، وهي مقدمة على كل شيء، وفي الوقت نفسه، إعادة فتح الاقتصاد، شريان الحياة للشعوب والمجتمعات؟