الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ضمير الغائب.. وضمير الخائب

الإعلام والفن الهابطان يُوقِّعان عقد تحالف وزواج غير مكتوب مع الإرهاب، وأرى وأظن، وليس كل الظن إثماً، أن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وكل منهما يؤدي خدمات كبيرة للآخر، فالفساد يموّل الإرهاب، وهذا الأخير يغسل أموال الفساد القذرة، وأرى، وأظن أيضاً، أن الإعلام والفن والرياضة أكبر غسّالات للأموال القذرة، بالإضافة إلى غسالة الإرهاب وادعاء التدين والتأسلم الزائف.

إن الفن والإعلام الهابطَين يدعمان الإرهاب بتسطيح عقول القطيع، فيتلقَّف الإرهاب هذه العقول والأدمغة المغسولة ويصب فيها الضلال والزيف، وعندما يستشهد الإرهابيون، والدهاة الجدد، بالآية الكريمة: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم» على أساس أنها دعوة للحرب وجهاد القتال، يتلقَّف السوقة هذا التأويل ويروجونه على أنه حق، بينما الحق اليقين أن هذه الآية الكريمة دعوة إلى السلام وتجنب الحرب، والخلاصة أن الإعداد للحرب هو السبيل الوحيد لتجنبها، وإجبار عدوك على أن يسالمك لعلمه أنك قوي، وأعددت نفسك جيداً للنصر عليه.. إنهم يقلبون النصوص والمعاني على هواهم، لذلك يجب أن نواجه الإرهاب كصفقة واحدة، الإرهاب الأبيض المتمثل في الإعلام والفن المزيفَين، والإرهاب الأسود القاتل، وأرى وأظن أيضاً، أن قتل العقول والقيم لا يقل خطراً عن قتل الأنفس، ولذلك أيضاً، على كل عاقل ألَّا تعجبه كثرة الخبيث، وأن يتجنب الكتب الأكثر مبيعاً والأفلام والبرامج الأكثر مشاهدة، لأن الله تعالى ذمَّ الكثرة ومدح القلة في غير موضع من القرآن الكريم، فأكثر الناس لا يفقهون، ولا يعلمون، ولا يعقلون، ولا يؤمنون.. وبالمقابل قليل من عبادي الشكور.. إلا من رحم ربك وقليل ما هم. وهكذا أرى أن الانتخابات هي أغبى نظام ديمقراطي في العالم، لأن الكثرة لا تتّجه إلا إلى الأقل كفاءة وإخلاصاً والأكثر دعاية وطنطنة أو ما يسميه القرآن: الأكثر نفيراً، والأغلبية غبية لأنها محكومة بعقل القطيع وأسلوب الإمَّعة، أينما يذهب الناس تذهب معهم ولو إلى الهاوية، وهكذا فإن كل الأساليب والإجراءات والقرارات المعتمدة على الكثرة والأغلبية فاشلة وغير مدروسة وغير مجدية، وتقييم الفن والإعلام على أساس الكثرة والاستفتاء، تقييم فاشل وغبي، لأن اللغة فيها ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب، بينما الواقع المبني على الكثرة والأغلبية يعتمد على ضمير الخائب!