السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الجزائر.. وقرار رفض المديونية

من النادر أن تمتنع دولة عن الاقتراض من صندوق النقد زمن الأزمات المالية، ويظهر دور هذا الصندوق الدولي في سنوات الأزمات الكبرى، في مسعى لضبط السياسات ومساعدة الدول على تجاوز العثرات، كما كانت أهدافه عند تأسيسه في أعقاب الحرب العالمية الثانية في ديسمبر 1945، بتوقيع من 29 دولة شكلت التأسيس الأول للصندوق.

لكن في السنوات الأخيرة، باتت دول العالم الثالث تهرع بسرعة إلى الصندوق في ظل اختلالات تعتري اقتصاداتها لا سيما لدى الدول ذات الإنتاجية القليلة والديون المتراكمة والفساد المستشري، ما جعل قروض الصندوق الدولي تزيد الضغط على كاهل الدول، التي تتعثر اقتصاداتها في الاستجابة للنمو المطلوب.

وأمام تداعيات المشهد الدولي بين سعر النفط المتدني وغموض مستقبل الاقتصاد بسبب العزل وارتفاع نسب البطالة وضعف الإنتاج الصناعي وتراجع النمو، يأتي موقف لافت من الجزائر يربط بين التحدي الوطني والثقة بالإمكانات الذاتية، وهو البلد الذي يعتمد في 90% من دخله على النفط، حيث إن الزاوية التي تنظر الجزائر منها إلى القروض الدولية باتت أكثر دقة من سواها من الدول في تقديم مبدأ السيادة وسلامة الموقف العام للبلد في قضايا جوهرية تخص سياساته، وهنا تحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إجابة مزدوجة لدعوات الاقتراض من الخارج، وللداخل الإنتاجي والصناعي من أجل تحفيزه وتوليد عناصر الديمومة فيه إذا خضعت لاستراتيجيات إنتاج قابل للنمو.


وقال تبون حاسماً الموقف بالرغم من روح المخاطرة في قراره: «لن نذهب للمديونية، لن نذهب لا لصندوق النقد الدولي ولا للبنك الدولي، لأن المديونية تمس بالسيادة الوطنية وهي تجربة عشناها بداية التسعينيات»، وكان ذلك حينما اقترضت الجزائر بشكل كبير من صندوق النقد.


والاستشعار الجزائري هنا يرتكز على قراءة الخيارات السياسية التي يجب أن تكون بمعزل عن تأثيرات الديون، وهي: رؤية استشرافية من خلال مراجعة تجارب الماضي الصعبة التي لا تزال تطبع بعض آثارها شاخصة.

فإلى أي مدى تستطيع الجزائر الموازنة بين قرار استقلاليتها المالية، لا سيما أنها رفضت زيادة كمية المطبوع من العملة الوطنية منعاً للتضخم، وبين مواجهة الضغوط الخارجية تحت تأثير جائحة أزمة عالمية ولدت من رحم جائحة الفيروس؟.. ذلك هو السؤال الذي يمكن أن تجيب عنه الجزائر من خلال إعادة هيكلة القطاع الصناعي والإنتاجي والزراعي بما يوفر الاكتفاء الذاتي وفائض التصدير، مع ترشيد الإنفاق الحكومي.