الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحجر.. الشعوذة والمسؤولية

كانت الجزائر من الدول السباقة لفرض الاحتياطات الوقائية من كورونا وعلى رأسها «الحجر الصحي» على المواطنين الوافدين من مختلف الدول، كما اعتمدت بروتوكولا علاجياً على أساس«الكلوروكين» المخصص لعلاج الملاريا، وكلاهما حقق نتائج إيجابية، بدليل أن حالات الشفاء من الوباء حتى 4 مايو الجاري بلغت 1998 حالة من أصل 4648 إصابة مؤكدة، كما انخفضت الوفيات بشكل محسوس خلال 12 يوماً الأخيرة بأقل من 8 وفيات، لتسجل يوم 4 مايو الجاري وفاتين فقط.

وفي نشوة ارتفاع حالات الشفاء، وتراجع الوفيات، وبحلول شهر رمضان الكريم، لجأت الحكومة إلى التخفيف من إجراءات الحجر، حيث سمحت لمحلات الحلاقة والحلويات والألبسة والأدوات المنزلية وغيرها بفتح أبوابها، مع توصية باحترام التباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية الأخرى.

الحاصل أن شعبنا الذي لا يشبه الشعب الصيني، قام بالدوس على إجراءات الوقاية المختلفة، لتسجل الأيام العشرة الأولى من رمضان قفزة في عدد الإصابات بـ1467 إصابة من مجموع 4648 أي أن ثلث الإصابات تمت بعد التخفيف من إجراءات الحجر الصحي، لذلك قرر كل الولاة أي المحافظات إعادة غلق تلك المحلات، وكان الشعار الشعبي المطالب بغلقها: «عيد بدون ملابس أفضل من عيد بدون أبناء».

إن التراخي في تطبيق التعليمات وحتى القانون، يعيد إلى الواجهة طرح الأسئلة الجوهرية المتعلقة بالانضباط، ليس بمفهومه الفلسفي بل بوصفه سلوكاً وطبيعة، فالصينيون لم يتحكموا في الوباء إلا بفضل روح الانضباط، فالتزموا بآليات الحجر في كل تفاصيلها، والآن عادت عجلة الاقتصاد الصيني إلى الدوران والحياة الاجتماعية إلى طبيعتها.

بينما طبيعة «التشعوذ» القائمة على مسلّمات في غير موضعها مثل «كل شيء بالمكتوب» و«قضاء وقدر»، والفهم الخاطئ لبعض الآيات القرآنية، من مثل: «لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» و«لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها».. هي المساهم في زيادة انتشار رقعة الوباء.. إنها الوقاية التي نتشدق دوماً بها، ونقول إنها خير من العلاج.

والغريب أن أصحاب هذا «التشعوذ» هم المبادرون على شبكات التواصل الاجتماعي بنشر ما كتبه الغربيون بأن الصحابة وعلى رأسهم عمر بن الخطاب هم أول من دعوا إلى الحجر وطبقوه.

إن المجتمع ينبغي أن يتحمل جزءاً من المسؤولية طبقاً للحديث الشريف المشهور باسم «حديث السفينة»، وفحواه كما رواه البخاري «عن النعمان بنِ بشير رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: مثل القائم في حدود اللّه، والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إِذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذِ من فوقنا. فإِن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإِن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».