الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كورونا وداعش.. تحالف موضوعي

قبل انتشار كورونا في أنحاء العالم، كان وباء داعش هو المستحوذ على قلق العالم، ولم يكن ممكناً بلورة أي سياسة عامة أو أي خيار استراتيجي دون الأخذ بعين الاعتبار الهاجس الأمني، الذي يشكله انتشار الأيديولوجيا المدمرة التي صنعها داعش وأخواته، لدرجة أن الخوف من هذه المنظمات الإرهابية أصبح يؤطر الحياة العامة بمختلف تجلياتها.

وفجأة ظهر وباء كورونا، وفرض على ساكنة المعمور حجراً طبياً شاملاً وعزلة اجتماعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنسانية المعاصر، فتحول داعش إلى اهتمام ثانوي، خصوصاً أن هذا التنظيم الإرهابي لم يقم خلال هذه الفترة السوداء بأي عملية إرهابية استعراضية، مستغلاً الارتباك الذي تعيشه المنظومة الأمنية للدول المعنية بهذا التهديدات.

في علاقة كورونا مع داعش هناك مقاربتان تعكسان نظرية الكأس نصف المليئة ونظيرتها نصف فارغة.


الأولى تعتقد أن الخوف العارم الذي انتاب هذه المجتمعات والإجراءات الأمنية الحازمة التي تمَّ اتخاذها كالغلق شبه التام للحدود الجوية والبرية، والحد من حركة التنقل، كانت له انعكاسات إيجابية على مدى قدرة مختلف التنظيمات الإرهابية على التواصل مع خلاياها النائمة المنتشرة في بقاع العالم، والمرور إلى الفعل الإرهابي على شاكلة بشاعة موجة الإرهاب التي عاشتها الدول الأوروبية قبل خمس سنوات.


المقاربة الثانية ترى في الظروف الاستثنائية، التي يعيشها العالم مناسبة قد تستغلها هذه التنظيمات الإرهابية لإعادة ترميم صفوفها، خصوصاً بعد الضربات العسكرية الموجعة التي تلقتها من طرف التحالف الدولي لمحاربة داعش، وقد تؤشر عودة أنشطة هذا التنظيم المخرب في العراق وصحراء سيناء إلى انتعاش تدريجي، وانبعاث جديد لهذا الأخطبوط الإرهابي.

في المقابل هناك اعتقاد لافت للانتباه يقول: إن هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة ستحاول حتماً استغلال الظروف الاجتماعية المزرية، التي ستنتج عن انهيار بعض القطاعات الاقتصادية في العالم، والتي ستسهم في فبركة بطالة كثيفة وتعمق الهوامش الاجتماعية، وتدفع بعض الشباب المحروم من ظروف عيش مقبولة إلى أحضان التطرف والعنف الذي توفر إطاراته الأيديولوجية هذه التنظيمات الإرهابية.

تداعيات كورونا قد تعمق الشرخ الاجتماعي وتعيد إنتاج خطاب الاستقطاب المبني على العنف والعدمية لهذه المنظمات وتقوي قدرتها على التعبئة والتجييش.