الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الوضع الجديد.. والعولمة السَّالبة

أصبح العالم الآن في حالة بحث يائسة عن «وضع طبيعي جديد» في المجتمع المنكوب بفيروس كورونا، ومن المنتظر أن يشهد شهر مايو الجاري حالات من التراجع المشروط للعديد من دول العالم عن معظم الإجراءات الوقائية، التي سبق لها تبنّيها في كل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ومنها: إغلاق المدن، والأسواق الكبرى، وحظر التجوّل.

ومن المتوقع أن تبقي معظم دول العالم على قرار إغلاق حدودها حتى نهاية الأزمة، وهنا يكمن أساس المشكلة والجزء الأكثر صعوبة منها.

لا يمكن وصف فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بأنه الفيروس القاتل للجسم البشري، ولكن يمكن وصفه بأنه الأكثر فتكاً بالاقتصاد العالمي، ويبدو أنه بدأ بالتحول التدريجي إلى كائن يمكنه أن يعيش ويزدهر مع الحركة العالمية للبشر، ولهذا السبب، فإن التدابير المتخذة لكبح انتشاره يمكن أن تصيب الاقتصاد العالمي بضرر كبير إذا تم تقييد حركة التدفق تلك على المستوى العالمي.


ولن يكون مستوى النجاح الذي تحققه التدابير التي تتبناها أي دولة لاحتواء الفيروس داخل حدودها كبيرة الأهمية، طالما أن حالات العدوى يمكن أن تأتيها من الخارج لأن حدودها مفتوحة، وسوف يكون القرار بفتح الحدود هو الأصعب والأكثر حساسية بالنسبة للحكام وصنّاع السياسات عبر العالم أجمع، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الشلل والركود هو الذي سيميّز «الوضع الطبيعي الجديد» للاقتصاد العالمي.


وسبق أن تم تعريف العولمة بأنها عملية تزايد التدفق العالمي للسلع ورؤوس الأموال والتكنولوجيات والبشر، وفي هذا «الوضع الجديد» الذي يتعايش فيه الناس مع فيروس كورونا، لا بدّ من فرض تدابير وقائية صارمة على حركة الناس وخدماتهم، ويمكن أن نطلق على هذه الحالة مصطلح «العولمة السالبة» Globalization Minus التي يتم فيها منع تدفق البشر وحدهم.

وقبل عصر انتشار كورونا، كانت جوازات السفر والتأشيرات المطبوعة عليها تمثل الأوراق الأساسية المعتمدة لانتقال الناس عبر حدود الدول، والآن، في عصر «العولمة الناقصة»، يجب اعتماد نوع جديد من الشهادات الإلزامية التي ينبغي على كل مسافر إبرازه، والتي توضح النتائج السلبية لفحوص الإصابة بالفيروس.

ويدافع بعض المتحفظين المبالغين في إجراءات السلامة عن «جواز المناعة» immunity passport، الذي يشهد باحتواء دم حامله على المضادات الجسيمية لفيروس «كوفيد-19».

وتكمن المشكلة الأساسية في الافتقار لأي طريقة اختبارية موثوقة يمكن الاعتماد عليها بشكل دائم للحكم على عدم إصابة الأشخاص المعنيين الذين يتم فحصهم بالعدوى، وليس من المعروف حتى الآن ما إذا كان اكتساب المضادات الجسيمية لفيروس «كوفيد-19» يعني في الوقت ذاته اكتساب المناعة ضدّه، بل على العكس من ذلك، فلقد نشرت تقارير تفيد بأن أولئك الذين تتضمن دماؤهم المضادات الجسيمية للفيروس يمكن أن يصابوا بالعدوى مرة أخرى. وقد تظهر أعراض الإصابة بالمرض عليهم أكثر شدّة.. وحتى الآن، ليست هناك عبارة سحرية تنصح بفتح الحدود.