الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

عالم مليء بالأزمات.. لماذا؟

تكاد الأزمات المختلفة التي تعصف بالعالم اليوم، من حروب وصراعات دامية وعنف وعنصرية وفقر وجوع وأمية وأمراض عضويَّة ونفسيَّة ومشكلات اقتصادية واجتماعية معقّدة ومركّبة، تشّكل سمة رئيسية لهذا العصر.. لكن لماذا يحدث كل هذا؟

لا شك أنّ ازدياد حدة الصراعات في العالم واشتدادها وراء كل ما يحصل، لكن الإجابة عن ذلك، تتطلب معرفة الخلفية التاريخية للعالم المعاصر، إذ من المعروف أنّ الغرب القديم بمركزيته الأوروبية والجديد بمركزيته الأمريكية هما من صاغا شكل العالم الحديث ونظامه السياسي، فمنذ ما يقرب من 200 عام على أقرب تقدير سيطر نصف الكرة الغربي على إدارة العالم وسير الأحداث فيه، وسبَّب لنا كوارث وأزمات لا نزال نعيش نتائجها المدمرة حتى اليوم، حيث كان الاستعمار الأوروبي المعاصر، الذي احتل واستباح معظم العالم على رأس من تسبب بذلك، فضلاً عن حربين عالميتين مدمرتين أحرقتا كل شيء، وصدّرتا صراع القوميات والإثنيات إليه.

وأنتج لنا الغرب أيضاً نظاماً فكرياً اقتصادياً رأسمالياً بطابع مادي إمبريالي يسعى دوماً للغزو والهيمنة والنهب، وهو بطبيعته منتج للمشكلات خاصة الاقتصادية منها، وكان سبباً مباشراً لكثير من الأزمات العالمية الحالية.


وقد استكمل هذا النظام حلقات إحكام قبضته على العالم ومقدراته، بصنعه لعالم مواز لا يعرف سوى التآمر والسيطرة والكسب، يضم حكومات خفية وكيانات عميقة وجماعات مصالح ولوبيات، تسيطر على نسبة كبيرة من اقتصاد وقرارات العالم، على رأسها (جماعة وول استريت) ولوبيات أمريكا المعروفة وشركات عابرة للقارات.. الخ، والتي كان لها دور كبير في إيصال العالم إلى الوضع المأساوي الحالي.


وتأتي مسألة بقاء أمريكا على قمة الهرم السياسي في العالم من أكثر القضايا تعقيداً وخطورة، خاصة بعد تأزّم أوضاعها الداخلية وبروز احتمال تراجعها ونكوصها، وهي لذلك تتسبب اليوم في كثير من مشكلات العالم، وتريد أن يدفع العالم ثمناً باهظا لحل أزماتها واستمرار تسيدها له، وتحديداً في صراعها مع الكبار وعلى رأسهم الصين، ومع الإسلام وحتى مع حلفائها، والسبب فيما يحصل الآن من صدمات ومشكلات عالمية كبرى، هو خطتها لإعادة صياغة العالم بما يخدم مصالحها، وعليه ولكي تبقى هي القطب الأقوى في العالم، فإنّنا نعيش اليوم مرحلة تاريخية صعبة تعج بالأزمات من كل حدب وصوب، وستزداد حدة ذلك وتأثيره مستقبلاً.