الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. إعادة ضبط المشهد

رغم أن أزمة تفشي فيروس كورونا لا تزال متوهجة إلا أن مخاض نتائجها ليس بالعسير، ومن الأمور التي باتت واضحة أن العالم يعيش بداية مرحلة انعطاف حادة في أولويات الدول وأشكال التعاون الدولي والعولمة الاقتصادية، وما سيترتب على ذلك من تغيرات جوهرية وصولاً إلى تغير أنماط الحياة بشكل شبه كامل.

ومن أبرز النتائج التي بدأت تتشكل أثناء الأزمة هي: أن الرأي العام العالمي لم يعُد مهووساً بما يقال بقدر ما هو مهتم بقدرة الحكومات على مواجهة هذه الجائحة، إذ إن العديد من الشعوب بدأت بإعادة ضبط آلية تقييم أداء صناع القرار ضمن معايير مختلفة تماماً عما كان في السابق، ففي هذه اللحظة الحرجة من تاريخ البشرية تبرز أهمية القيادة الكفء القادرة على تعديل مسارها ضمن عناصر المرونة والدقة وسرعة التكيف، وبشكل يضمن حماية شعبها من انتشار الوباء، ويتجاوز آثاره الاقتصادية والاجتماعية.

ومن الملاحظ أن العديد من الدول انقسمت في بداية الأزمة إلى قسمين، حيث رَكن القسم الأول إلى التهوين من صعوبة الموقف والتعامل مع الفيروس كمرض موسمي، فيما جنح القسم الثاني إلى التهويل وخلق حالة من السوداوية ليترك شعبه في حالة احتضار، وقد مُني النموذجان بفشل ذريع.


ما بين النموذجين برزت دول قليلة تمكنت من إدارة الموقف بشكل متوازن وتعاملت معه بحكمة بعيداً عن التهويل أو التهوين، وخاطبت شعوبها بكل بعقلانية، ومن هذه الدول دولة الإمارات التي عملت قيادتها على مخاطبة شعبها بشكل رسخت فيه حالة من الوعي المجتمعي المدرك لصعوبة الموقف وضرورة التعامل معه بجدية فائقة، وفي ذات الوقت تعزيز قيم الإيجابية والقدرة على تجاوز الظروف الصعبة.


الإمارات تميزت بسرعة التكيف ودقة إدارة الموقف عبر تنفيذها لنموذج قائم على ضمان الصحة العامة للمجتمع، وفي ذات الوقت عدم إغراق الدولة في حالة من الجمود وانتظار انتهاء الجائحة، بالتوازي مع البدء بإعادة التفكير في استراتيجياتها وتعديل مساراتها بما يواكب المتغيرات التي فرضتها مرحلة فيروس كورونا.

باختصار فإن أزمة كورونا أظهرت الدول التي ما زالت تسير ضمن حالة من الجمود والتقليدية، وفي ذات الوقت أبرزت الدول التي أدارت الموقف بتوازن وبأفق أوسع وأكثر شمولية بدلاً من الغرق في الأزمة والاختباء وراء الأثر العالمي لإخفاء الإخفاق وعدم القدرة على إعادة صياغة المشهد.