الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«داتونغ».. الوحدة والمستقبل المشترك

أصبح العالم مفتوحاً بشكل مدهش على مدى العقود القليلة الماضية، واليوم يتجه نحو المزيد من التعقيد والتنوع على الرغم من إغلاقه بسبب فيروس كورونا، وقد أصبحت نظرية «صراع الحضارات» التي اقترحها صموئيل هنتنغتون حاوية ضيقة لا تستوعب بيانات المجتمع الحديث بتفاصيل الوسائط المتعددة، التي تماهى كثير من المسلمات بسببها، حيث أصبح صراع الإرادات هو الفكر السائد، ولم يقتصر تنفيذه على ممارسة سياسة أحادية الجانب، ولكن انخرط فيها كل من الولايات المتحدة والصين.

بناء على ذلك تأتي التساؤلات حول ما هو الطابع المستقبلي للعلاقة بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين؟.. إن معظم المحللين الذين يكتبون عن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين يسوقون حججاً مستمدة من المعسكرات الرئيسية الثلاثة في العلاقات الدولية المعاصرة التي تنظّر «الواقعية والليبرالية والبنائية»، ومع ذلك، فإن أولئك الذين تضعهم أسسهم التحليلية الأساسية في إحدى هذه المدارس الثلاث، ليس لديهم بالضرورة وجهات نظر مماثلة فيما يتعلق بالسؤال المحدد لمستقبل العلاقات الأمريكية ـ الصينية.

الواقعيون يعتقدون أن العلاقة ستكون في الأساس مستقرة وسلمية، والليبراليون يتوقعون المواجهة والنزاع، والبناؤون يعتقدون أن الأمور يمكن أن تسير في أي من الاتجاهين، وتعتمد المواقف الأساسية في هذا السجال على الادعاءات حول أهمية الآليات السببية أو مجموعات القوى السببية المتماثلة، في قراءة العلاقات الصينية ـ الأمريكية فيما بعد كورونا، فالبعض يرى أنه من الممكن أن يتشكل المستقبل من خلال تلاقي قوى مختلفة، تعزز بعضها البعض وتعارض البعض الآخر.


هذا التصنيف في تحرك مستمر ولن يثبت بصورة نهائية، ولا يخلو من بذور تناقض قد يدفع إلى المواجهة في حال حدوث تغيرات راديكالية فيه، وقتئذ سيكون من الحكمة الأخذ بنصيحة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت «حل الخلافات باكراً، قبل أن تؤدّي الكلمات القاسية إلى حروب ساخنة».


أما من وجهة نظر المثاليين الصينيين في السياق نفسه، فيودون أن يكون المستقبل مشتركاً للمجتمعات البشرية، باعتباره الوضع المثالي للعالم المحتمل، بدلاً من الإذعان للخطاب السياسي المكبل، وفي نظرهم من المفترض أن يعرف الغرباء والفرقاء أن هذا الاقتراح يوجد في تاريخ الصين القديمة، عندما طرح كونفوشيوس فكرة «داتونغ» أو «الوحدة العظيمة» من أجل الإنسانية والشراكة المستقبلية.