السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الوساطة التجارية والأنموذج السعودي

في ظل ما يمرُّ به العالم الآن من ظروف استثنائية، ثَمَّةَ من ينظرون إلى المنازعات نظرة عميقة سعياً لتحقيق العدالة الناجزة، ويبحثون عن حلول فاعلة تحقق الاستقرار في ميدان الأعمال والمشاريع والأنشطة التجارية، ومن ثَمَّ يبرحون مقاعد المشاهدين المنتظرين، ويشمّرون عن سواعدهم بحثاً عن بدائل خارج الصندوق، فقد أُوتوا مَلَكَةَ إدارة الملفات في أوقات الأزمات، التي هي في قاموسهم ميلادٌ جديد لمبادرة أو برنامج يواكب التحديات غير المتوقعة عبر حلول عملية استباقية برؤية واقعية استثنائية.

هذا ما تصوّره قصة نجاح متفرّدة جديرة بالتدوين والتوثيق والاستفادة منها، بعد أن بات العديد من الأفراد والمؤسسات بين ليلة وضحاها بين «دائن» و«مدين» نتيجة تداعيات الجائحة وتأثيرها الاقتصادي على الالتزامات التعاقدية في كثير من المجالات التجارية وغيرها.. قصةُ النجاح تلك صاغتها ثُلّة من الخبراء، احتضنهم «المركز السعودي للتحكيم التجاري» عبر إطلاقه مؤخراً برنامجاً استشرافياً ووقائياً غير ربحي، هو «الوساطة الطارئة في ظل جائحة كورونا».

البرنامج هو منصة إلكترونية لتحقيق عدالة اتفاقية رضائية يصنعها أطراف النزاع بإرادتهم عبر «وسيط معتمد» يستند إلى مبادئ الحيدة والاستقلال، ويمتلك رؤية الثاقبة، الذي يحيط علماً بكل جوانب النزاع، ويضع مصالح الأطراف قبل مواقفهم، ليمضي بالمتنازعين على متنِ سفينته إلى ميناء تسوية آمن في رحلة زمنية لا تتجاوز (30) يوماً مروراً بثماني محطات إلكترونية، تبدأ بـ«تسجيل الطلب»، وتنتهي باتفاق الوساطة وإصدار السند التنفيذي الحائز قوة الثبوت والنفاذ دون استئناف قضائي أو بطلان تحكيمي، فهو منتج صاغه الأطراف برضائية وبمساعدة أنامل الوسيط.


تم إطلاق البرنامج بطريقة تكاملية رقمية عبر منصة حلول متخصصة وآمنة، تتوافر بها الأدلة الإرشادية، وجلسات تمهيدية للتعريف بالبرنامج، مع آلية تفصيلية لتسجيل طلب الوساطة إلكترونياً، والقواعد الإجرائية ومعايير سلوك الوسطاء، والرسوم والنماذج والأسئلة الشائعة، والمتطلبات والتوجيهات والضوابط المحوكمة لجلسات الوساطة عن بُعد، وكافة ما يحقق الفاعلية تحت مظلة السرعة والسرية والخصوصية والمرونة والموثوقية والتكلفة المنخفضة.


ولأن موجبات التميّز الاعتراف بالإنجازات، فكلُّ التقدير للمركز السعودي للتحكيم، الذي صنع من التحديات حلولاً استثنائية استلهمت المخزون القيمي الإنساني في التعايش الإيجابي للوصول إلى التسوية الودية للمنازعات.