الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الدول العربية.. وما بعد كورونا

لا بد أن يبدأ العالم العربي من الآن في دراسة النتائج التي سوف تترتب على كارثة كورونا، مع أن ما حدث في الدول العربية لم تكن خطورته بدرجة ما حدث في أمريكا أو دول الاتحاد الأوروبي.

إن المقارنة صعبة بين المستويَين: الحضاري والاقتصادي، اللذين وصلت إليهما دول العالم المتقدم والدول العربية، لأن هناك دول عربية وصلت إلى درجة من الدمار لم تحدث من قبل، فمدن تهدمت واقتصاديات انهارت وشعوب هاجرت ودول دخلت في مخلفات التاريخ، ولكن الحديث ينبغي أن يكون حول دول ما تزال متماسكة في شعوبها واقتصاداتها وما بقي لديها من الثروات.

ومن هذه الدول دول الخليج العربي ودول المغرب العربي ومصر والأردن، لكن هذه الدول ستواجه ظروفاً صعبة، خاصة أن البعض منها كان يعاني هذه الظروف قبل كارثة كورونا.


إن أخطر هذه الأزمات هو انخفاض أسعار البترول، وهي من الملفات الخطيرة، التي سيدور حولها جدل كبير بعد انتهاء الكارثة، هناك أيضاً ما حدث من انهيارات في أسعار الأسهم في البورصات العربية، وهي خسائر لا يمكن تعويضها في وقت قصير، خاصة مع توقف الإنتاج في مشروعات كبرى صناعية وزراعية.


لا أحد يعلم، حتى الآن، مستقبل العمالة الوافدة في دول مثل دول الخليج، وهي أرقام كبيرة سواء أكانت عربية أو آسيوية أو أفريقية، وإن تأثير هذه العمالة لن يكون قاصراً على أوطانها، ولكنها سوف تترك فراغاً في دول اعتمدت على وجودها سنوات طويلة، وأصبح من الصعب أن تستغني عنها أو تفرط فيها، كما أن هذه العمالة كانت تمثل مصادر دخل أساسي للدول التي جاءت منها، وعلى سبيل المثال، فإن مدخرات المصريين العاملين في الدول الشقيقة مثل السعودية والإمارات والكويت تمثل أهمية كبيرة في تمويل ميزانية الدولة المصرية.

لا يمكن أيضاً أن نتجاهل غياب السياحة، خاصة أنها في السنوات الماضية أصبحت تحتل مكانة خاصة، ومنها: الإمارات ومصر، بل إن المملكة العربية السعودية فتحت أبوابها لكثير من السياح، فلا ينبغي أن نتجاهل وقف العمرة وربما فريضة الحج، وهي من المصادر المهمة للدخل في السعودية.

لذا فإن المطلوب من الحكومات العربية بعد أن تنتهي كارثة كورونا هو إعادة النظر في برامجها الاقتصادية، وأن تضع أولويات جديدة للأنشطة الاقتصادية فيها، خاصة أن كثيراً من الموارد المالية قد يتأخر بعض الوقت، مثل دخل البترول والسياحة وعودة العاملين وتشغيل الشركات الكبرى التي توقفت، وقبل هذا كله هناك البورصات التي انهارت وتحتاج وقتاً طويلاً لكي تستعيد عافيتها.

إن ذلك كله يتطلب تنسيقاً عربياً بين الحكومات بعد أن تنتهي الكارثة، قد يرى البعض أن مثل هذا الحوار من السابق لأوانه، ولكن العالم كله يستعد الآن لكي يحصر خسائره، وما أصاب جوانب الحياة فيه، وهي خسائر ضخمة تترك آثارها على المستقبل.