الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الجزائر.. ثورة دستورية

كشفت رئاسة الدولة الجزائرية عن المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري، الذي يطمح إليه الجزائريون لبناء «الجزائر الجديدة» طبقاً لوعود الرئيس عبدالمجيد تبون.

ومن خلال القراءة الأولى، يتضح أن التعديلات المقترحة تحمل في ثناياها ثورة حقيقية، حيث استجابت في معظمها لمطالب الحراك الشعبي المنطلق في 22 فبراير2019، والذي أطاح بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وتتمثل أبرز المقترحات في تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وإلغاء صلاحياته للتشريع بأوامر، وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، بينما كان للرئيس المطاح به صلاحيات إمبراطورية.

كذلك تم إحداث ثورة في مجال الحقوق والحريات لدرجة أنه لم يتعرض لها أشد المعارضين بالنقد حتى الآن، حيث تم توسيع الحقوق لتشمل 25 حقاً جديداً، ليصبح الدستور المقترح من بين أحسن دساتير العالم في هذا المجال.

ولعل أهم ما تطرقت له أيضاً مسودة الدستور، هو إنشاء محكمة دستورية بدلاً من المجلس الدستوري، فإذا كان لهذا الأخير دور استشاري سابق، فإن المحكمة الدستورية تحكم وتفصل في المناعات التي تنشب بين المؤسسات، بما فيها النزاعات التي يكون رئيس الجمهورية طرفاً فيها.

ومن بين المقترحات التي أثنى عليها المحللون، ما تعلق بالمجلس الأعلى للقضاء، حيث يضم في عضويته 15 قاضياً منتخباً من طرف نظرائهم، إلى جانب ممثلين عن نقابة القضاة، وتم إبعاد وزير العدل من عضويته، الأمر الذي من شأنه تعزيز استقلالية العدالة.

ولأن الحصانة البرلمانية كانت من القضايا المثيرة للجدل، فقد حصرها مشروع الدستور «خلال ممارسة الوظيفة فقط»، تصوروا أنه حدث أن امرأة طالق لم تستطع رفع دعوى قضائية تلزم زوجها بدفع الكفالة لأبنائه لأن طليقها «نائب برلماني»!

كذلك حدد مشروع الدستور العهد الانتخابية سواء رئيس الجمهورية، أو نائب برلماني أو رئيس مجلس محلي، بعهدتين فقط غير قابلتين للتجديد، سواء كانت عهدتين متتاليتين أو منفصلتين.

وأدرج الدستور حكماً يلزم جميع السلطات بتطبيق الدستور، لأن الفترات السابقة لم يكن يحظى خلالها الدستور بأي قيمة من قبل السلطة التنفيذية.

ومع هذا، هناك نقطتان رئيسيتان يثار حولهما النقاش بقوة حالياً، هما إمكانية رئيس الجمهورية من تعيين نائب له ليواصل عهدته في حالة الشغور، وإمكانية مشاركة الجيش الجزائري في العمليات خارج الحدود.

وسوف نعود لهما بالشرح لاحقاً، في انتظار ذلك لا يمكن أن نبخس المشروع الدستوري حقه، إذ لا بُدَّ من التأكيد على أنه «ثورة دستورية»، وإن كان لا يزال قيد النقاش لإثرائه.