الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. والأوراق الداخلية الأمريكية

لقد غير فيروس كورونا العالم، إلا أن التداعيات الحقيقية لهذه الأزمة غير المسبوقة في القرن الـ21 لم تظهر بعد، وقد يكون من الصواب القول: إن الولايات المتحدة لم تكن تشهد بعد الحروب مثل هذا التصادم القوي بين القوى السياسية المختلفة، كالذي نشاهده الآن.

فلقد دفع السلوك «الثوري» للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل القوى المندرجة تحت راية الحزب الديمقراطي إلى التوحّد تحت شعار: (واصلوا العمل يا أيها الديمقراطيون حتى طرد ترامب من البيت الأبيض)!

ولقد كانت لدى ترامب العديد من الأسباب التي تبرر حديثه عن الإنجازات التي حققها للولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية، إلا أن الفيروس المشؤوم جاء ليزيل آثار هذه النجاحات كلها.


ففي بداية شهر مايو الجاري، ذكرت تقارير أن 30 مليون أمريكي فقدوا وظائفهم، وأن 1.3 مليون أصيبوا بعدوى المرض الجديد، و80 ألفاً ماتوا بسببه، وهو رقم أعلى مما سجل في أي بلد آخر في العالم.


ولقد واجهت إجراءاته نقداً منطقياً في بلده، ومن بين ذلك أن الرئيس السابق باراك أوباما وصف إجراءات إدارة ترامب لمكافحة فيروس كورونا بأنها تمثل «كارثة فوضوية»!

والآن، لم يعد يكفي ترامب أن يعترف للرأي العام بحساباته الخاطئة المرتكبة في مواجهة أخطر جائحة، بل أن يتمكن من إقناع مواطنيه بأنه قادر على استعادة قوة الاقتصاد الأمريكي.

إن المواجهة المنتظرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة بين ترامب ونائب الرئيس السابق جو بايدن ستحتدّ، بالرغم من أن بايدن لا يُعد الشخصية الأكثر تأثيراً في الحزب الديمقراطي، إلا أنه وفقاً لكل استطلاعات الرأي يحظى بفرصة أقوى للتفوق على ترامب، ولو افترضنا أن الانتخابات ستتم في شهر مايو الجاري، فإن بايدن من المؤكد أن يكون الفائز فيها.

وما يزيد الطين بلّة الحالة المتأزمة للنظام الغربي كله، فحتى أعتى المدافعين عن القيم الغربية لا يتنكرون لهذه الفترة العصيبة العامرة بالفوضى والارتباك التي يجتازونها، ويضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة تتصرف بطريقة منفردة في العديد من القضايا المهمة، لتجعل من نفسها طرفاً معاكساً لاتجاه بقية العالم بما فيه حلفاؤها، ولقد بدا ذلك واضحاً من خلال ادعاءات ترامب ضد منظمة الصحة العالمية، وما لبثت معظم دول العالم أن أعلنت تأييدها لتلك المنظمة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية يوم 3 نوفمبر، فإن من المتوقع أن تحتدم المعارك السياسية المحلية في الولايات المتحدة وتزداد ضراوة، وسيتخذ أسلوب التحدي بين المرشحين الرئاسيين شكل المعارك الحقيقية بحيث تكون المخاطر عالية جداً.

ويتخوف ترامب من أن تؤدي خسارته للانتخابات إلى دفع الديمقراطيين لتحميله مسؤولية كل الذنوب السيئة التي يعتقدون أنه ارتكبها في حق الشعب الأمريكي، ومن جهة أخرى، يتخوف مؤيدو الحزب من احتمال فوزه بولاية ثانية، لأنهم يتوقعون منه أن يتخذ بحقهم أقسى الإجراءات العقابية.