الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

معارك ضد الجائحة

لا شك أنّ أزمة فيروس كورونا معقّدة وغامضة وغير مسبوقة، وما زادها مأساوية عدم وضوح تعامل الأطراف الدولية المؤثّرة معها، خاصة ما تعلق بحقيقة أسباب ظهورها أو كيفية معالجتها وإنهاء تأثيرها، ما ضاعف الشكوك عند الشعوب حول المصير النهائي لها بعد أن تم تشتيتهم وإرباكهم بسبب لذلك.

ونتيجة لهذا، يخوض الناس اليوم عدة معارك ضد هذه الجائحة أهمها: - صراع بقاء ضارٍ للمحافظة على الحياة مع هذا العدو غير المرئي أدى إلى شلل معظم الحياة البشرية.

- معركة نفسية وعصبية قاسية بل قاتلة مع هذا الوباء، لدرجة قول أحدهم: «لقد قتلنا فيروس كورونا نفسياً وعصبياً قبل أن يقتلنا عضوياً»، ما أدى إلى الشك في كل شيء خاصة ما تعلق بالخوف من العدوى، بحيث دخلنا إلى ما يعرف بسيكولوجية الأزمات وسيكولوجية الأوبئة، وما نتج عنها من معاناة أفضت إلى شيء من الإحباط والوحدة والعزلة والفردانية وحتى الأنانية.


- أزمات اجتماعية متعددة منها: توقف واضح للعلاقات الإنسانية الطبيعية، حيث تقطعت أوصال المجتمع وجُمّدت نشاطاته المختلفة، وتعطلت دورة الحياة البشرية فيه.


- مآسٍ اقتصادية كثيرة على رأسها: موضوع الأمن الغذائي والطبي، وانقطاع مصادر الدخل المختلفة، وانهيار الأسواق وتوقف التجارة والتصنيع وغيرها، ما قد يجعل المجتمعات بؤر أزمات أكثر من كونها بؤر وباء.

- إشكالية المعلومة، حيث التدفق الضخم والسيل الجارف من المعلومات والأخبار والتقارير والمقابلات والتوقعات الخاصة بالأزمة، على المستوى الطبي والسياسي والاقتصادي والمستقبلي، ما أربك الناس وأحبطهم وجعلهم في حالة ضياع معرفي، خاصة أنّ جزءاً مما يُبث ويصل ويُتناقل متناقض وغريب ومجهول المصدر، فتارة يتفاءل الناس للخروج من الأزمة وتارة يعودون للمربع الأول.. وهكذا.

- مواجهة مع العالم وصراعاته، حيث تسعى جهات وأطراف كثيرة فيه إلى تحقيق أهداف ومكاسب ومصالح خاصة وتصفية حسابات سياسية واقتصادية على حساب حياة الآدميين ومعاناتهم.

أمّا أهم معركة فهي تلك التي ستكون بعد انتهاء كل المواجهات والأزمات السابقة، عندما يعود العالم لاستئناف حياته مرة أخرى، وننتقل رسمياً للعيش في عالم ما بعد كورونا، حيث سينجلي المشهد تماماً وتتضح الأمور، ويتواجه العالم مع نفسه بعد أن تُكشف جملة من الأسرار، التي صاحبت الأزمة من أولها ليعاد تركيب النتائج على المقدمات، كي تتضح حقيقة ما جرى.