الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

لماذا نُغْفِل ثقافتنا الوطنية؟

منذ أن انتشر وباء كورونا كثرت الإشارة يومياً في الكتابات العربية لرواية غابرييل غارسيا ماركيز «الحب في زمن الكوليرا»، وكذلك «الطاعون» لألبير كامي، إلى حد وصول البعض إلى أن العَمَليْن كانا نبوءة بالوباء الذي نمر به.

في مرات تشعر أن الإشارة مقصود بها إظهار معرفة هذا العمل، أو ذاك حتى دون قراءته، رغم أن رواية ماركيز قُرئت وفُهمت من قبل باعتبارها عملاً سياسياً يحمل إسقاطاً على مسألة الحرية، وطاعون كامي تناولت الطاعون في مدينة وهران الجزائرية، لكنها قُرئت كتعبير عن الفلسفة الوجودية، أياً كان الأمر فلا بأس بالقراءة الجديدة وفي الفهم المتجدد للأعمال الإبداعية، في المقابل نجد تجاهلاً شديداً للإنتاج الإبداعي العربي فيما يتعلق بالحالات المشابهة، أقصد هنا أدبنا الحديث، أما أدبنا القديم ففيه كثير الشعر والنثر، فضلاً عما نسميه الأدب التاريخي، أي ما ورد لدى المؤرخين وكُتاب الحوليات العربية بخصوص الأوبئة، وهو فيض كبير.

لدينا قصيدة نازك الملائكة عن الكوليرا سنة 1948، كتبتها وهي في العراق عن الوباء في مصر، وقد وضعتها هذه القصيدة في طليعة المجددين العرب ومدرسة الشعر الحر، التي ملأت عالمنا العربي طوال خمسينات وستينات القرن الماضي، وإن تراجعت الآن أمام الشعر العمودي وقصيدة النثر.


وفي عالم الرواية لدينا أعمال ليست كثيرة، من التي تخصصت في وباء ما، مثل رواية: إيبولا، التي كتبها أمير تاج السر، وكذا رواية نبيل سليمان «تاريخ العيون المطفأة»، ويمكن أن نذكر هنا الجزء الأول من أيام طه حسين الذي يدور حول وباء الرمد الذي انتشر نهاية القرن الـ19، ولا أدري هل يصح هنا أن نضيف رواية «اليوم السادس» أم لا؟ لأندريه شديد.. لكنها مكتوبة بالفرنسية ثم ترجمت إلى العربية وحولها يوسف شاهين إلى فيلم عربي، لعبت بطولته داليدا.


في أدبنا العربي أيضاً روايات كان الوباء عنصراً من عناصرها، وحدثاً عابراً بين أحداثها، مثل الثلاثية وحرافيش نجيب محفوظ، وكذلك شجرة البؤس لطه حسين، ورواية سعد مكاوي «السائرون نياماً»، وغيرها كثير.

بالتأكيد رواية «الحب في زمن الكوليرا» عمل مهم لروائي عظيم، ويستحق القراءة والإشارة إليه بغض النظر عن الوباء.

وهنا، لا أود الحديث عن عقدة الخواجة، ماركيز ليس كذلك، والأدب عموماًً فعل إنساني بالأساس يجب أن يخاطب الإنسان، وهذا ما يضمن له النجاح والخلود.. فقط أتساءل: لماذا نتجاهل أو نغفل إنتاجنا وثقافتنا الوطنية؟