الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

خوض المغامرة.. ومراجعة السياسات

يستعد العالم لخوض مغامرة تجاوز محنة «كورونا» التي عطلت وجوه الحياة وتركت ربما حسنة واحدة يتيمة كما يقول حماة البيئة، وهي أنها جعلت التوازن يعود جزئياً إلى الطبيعة، وثقب الأوزون يرتق نفسه مجدداً.

وفي خضم الحديث عن عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها، يرى متشائمون كُثْرٌ أن ذلك لا يعدو عن كونه تفاؤلاً مفرطاً، في الوقت الذي ما زال فيه الحديث عن إيجاد لقاح أو علاج شافٍ لهذا الفيروس الشرس مجرد كلام للاستهلاك السياسي، ورفع معنويات القابعين خلف قضبان الحجر الإلزامي.

وما هو مؤكد حتى الآن أن ارتداء الكمامات الطبية، واتباع إجراءات التباعد الاجتماعي، سيرافقان البشرية لزمن مقبل في انتظار اللقاح، الذي دأبت تصريحات مسؤولين في منظمة الصحة العالمية على التقليل من فرص إنتاجه سريعاً، وربما ليس قبل عام أو عامين.


شركات الطيران تستعد كذلك للتحليق مجدداً ولكن وفق شروط جديدة، ستجعل من السفر «قطعة من جهنم» كما كان قبل اختراع الطائرات، حيث ستأخذ إجراءات السفر أضعاف الوقت والمال والجهد الذي كانت تمر به قبل كورونا، إلى جانب أن تذاكر السفر الاقتصادية لن تكون متاحة في ظل الخطوات الجديدة، التي ستباعد بين مقاعد الطائرات التي طالما شكا المسافرون من تقاربها وازدحامها ورصها بطريقة تجلب المال للشركات والكدر للمسافرين.


وفيما تتأرجح الأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام حول العالم بين الإحباط والتفاؤل بانفراجه وشيكة تزيح شبح الوباء، يبدو للمتابعين الواقعيين لهذا الملف أن الأمر يتعلق فقط في كل أبعاده بعامل الوقت، وبالآثار الاقتصادية المحتملة التي يمكن أن يخلفها «كورونا»، فيما تبدو فرص تراجع خطره أمراً حتمياً في ظل التكاتف العالمي غير المسبوق بين المؤسسات العلمية والحكومات ورؤوس الأموال، التي اكتشفت في لحظة فارقة أنها تتشارك المصير ذاته على الكوكب الأزرق الرشيق المفعم بالجمال الطبيعي والخضرة الوارفة، التي افتقدها الإنسان بسبب نظام الحجر الإجباري، الذي ترك حيزاً من الوقت للطبيعة لإعادة ترميم نفسها، حتى شاهد الناس الدلافين والأسماك تسبح مجدداً في قنوات مدينة «البندقية»، والطيور تغرد مرة أخرى وتبني أعشاشها في أكثر المدن الأوروبية ازدحاماً.

في الجانب الإيجابي لجائحة كورونا كذلك، أو فلنقل مناقبها المزعومة، يمكن القول إن هذه الجائحة منحت إجازة للبشرية لتترك المجال مجدداً للطبيعة لتأخذ مجراها الطبيعي، وللكثير من الدول أن تراجع سياساتها الأنانية، وللمصانع العملاقة أن تمنح بعض الوقت لثقب الأوزون لترميم نفسه من أجل البشرية، وللكثير من البشر ليتأملوا قليلاً في كل ذلك.