الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العرب.. و«خلايا الجهل اليقظة»

من الواضح أن أكبر مشكلة واجهت العالم العربي في كل أزمة كورونا، كانت في منظومة التعليم، التي كشفت مخرجاتها عن قطاع واسع من الجهل في المعارف والعلوم، قابل بشدّة لأن يصدق الدجل والخزعبلات (وهي قنابل موجهة بذكاء أحياناً).

قطاع واسع يستخدم فيسبوك وتويتر ليعيد اجترار الجهل والخرافات، ولا يستطيع أن يستوعب دورة حياة الفيروسات والبكتيريا والجراثيم.

وهذا محصلة عقود طويلة من التجهيل الذي قادته تيارات التطرف والعتمة، وقد تغلغلت في المجتمعات العربية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، واستوطنت أجهزة التربية والتعليم، وكانت تلك أولى نماذج الخلايا «اليقظة» لا النائمة، والمزروعة بخبث، وقد استطاعت أن تروض الأجيال بما يتناسب ومبادئها في تغييب الوعي المدني والحضاري وقد اختطفت «المقدس» ونسبته لأدبيّاتها البعيدة عن كل دين ومنطق، فعظمت تلك التيارات بهدوء وعلى مراحل «شيخ الدين»، وقزَّمت أمامه كل عالم حقيقي في علم دنيوي ينفع الناس.


في دراستي الجامعية الأولى، ومنذ السنة الأولى في أوائل تسعينيات القرن الماضي وفي جامعة حكومية أردنية، كان من المواد الإجبارية مادة «الثقافة الإسلامية»، وفي تلك المادة الجامعية لم يكن مسموحاً لنا النقاش إلا في حدود الكتاب الوحيد المفروض علينا من مدرس المادة، وبموافقة قسم دراسات الشريعة.. الكتاب كان طبعاً «معالم على الطريق» لقطب حركة الإخوان المسلمين المتطرف سيد قطب، والذي وضع في كتابه الأسس المنهجية الأولى لمن بعده من متطرفين، فألفوا كتابهم المتوحش «إدارة التوحش».


ومن مصادر كتاب قطب نفسه علوم ابن تيمية، الشيخ المتطرف الذي وضع في فتاويه كل ما يمكن من دم وذبح، وقد وصفه معاصره في زمنه الرحالة ابن بطوطة بقوله «... وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون. إلا أن في عقله شيئاً».

ربما واجهنا في أزمة كورونا نواقصنا في أبجديات المعرفة والعلم، فنكتشف أن الأزمة كشفت لنا عن أزمات كامنة فينا منذ عقود طويلة، منذ صار سيد قطب وقبله ابن تيمية علماء وبيل غيتس، حسب الشائعة، رجلاً كافراً يريد أن يسيطر علينا بشرائح مزروعة تحت الجلد أو في دماغنا حسب المصادر العلمية الوفيرة في عالمنا العربي، والمصفوفة على رفوف واتساب وإدراجات فيسبوك، ويكفي أن تنشر فيديو لمتحدث «مفوه» أو إدراجاً على صيغة خبر يفيد أن دراسة ما لمركز أبحاث ما كشف كل ما يرد في باقي الإدراج لينتشر ويصدقه الناس، وهذا أساسه انعدام المعرفة والوعي المعرفي.