السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

من ينظر تحته ليرضى.. ومن ينظر فوقه ليرقى

تلك معادلة لم تخطئ نتائجها في ظني، وإذا تم فهمها بالمقلوب فإن نتائجها ستكون كارثية، إنها معادلة استنتجتها من مواقف ومسارات الأشخاص والدول، ونقول: إن الفرد ينبغي أن ينظر إلى من دونه ليرضى لكن الدول ينبغي أن تنظر إلى من فوقها لترقى، فإذا نظر الفرد إلى من تحته ومن دونه فإنه سيرى أنه أفضل من مئات أو آلاف غيره، وأن نعم الله عليه لا تعد ولا تحصى وساعتها سيقول: الحمد لله أنا أفضل من غيري بكثير.

وأما الدولة فإنها لو فعلت ما يفعله الفرد ونظرت إلى من دونها فإنها ستقنع وتخنع، وفي أمتنا دول تصرفت كالأفراد ففشلت، وأذكر قصة شخصية كان بطلها أبي رحمه الله عندما ظهرت نتيجتي في إحدى سنوات الإعدادية وكنت الأول على مدرستي، وذهبت إليه وأنا أطير من الفرح وأخبرته فطلب رؤية شهادتي الدراسية ودرجاتي، ولاحظ أن مجموعي الكلي به نقص كبير..

فقال: ما هذا المجموع السيئ؟ فقلت: ألست الأول على المدرسة؟

فقال: هب أنك حاصل على درجة واحدة، وكل زملائك حاصلون على صفر ألست الأول أيضاً؟ تعلم دائماً أن تسأل نفسك، أنا الأول على من؟ هذا أهم من أنك الأول وكفى، أبي كان يريدني أن أتصرف كدولة لا كفرد، أنظر إلى من فوقي لأرقى ولا يعنيني من دوني لأرضى.

وأحسب هنا أن الإمارات من الدول التي طبقت هذه المعادلة فارتقت، كانت وما زالت تتطلع إلى من فوقها ومن سبقوها لترقى وتسبق، ولم أسمع يوماً أن الإمارات قالت عبر قيادتها أنها أفضل من غيرها وليس في الإمكان أفضل مما كان، دائماً اسمعهم يقولون: «لسنا الأفضل ولكننا نسعى ونعمل من أجل أن نكون الأفضل، لن نتنازل عن الرقم واحد في كل مجال، لم نحققه بعد في كل المجالات ولكننا لن نتنازل عنه»، ذلك هو الطموح المشروع لذلك أحسب أن هذه الدولة حققت معجزات في مجالات كثيرة بهذه المعادلة.

«ننظر فوقنا لنرقى»، تلك في ظني كلمة السر في رقي الإمارات وارتقائها وبلوغها هذه المكانة الرفيعة في العالم، أما الدول التي أدمنت رذيلة النظر إلى من دونها وقالت: نحن الأفضل والأقوى، فقد فشلت، وعلى الأفراد والدول أن يختاروا: هل ننظر فوقنا لنرقى.. أم ننظر تحتنا لنرضى؟