الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الاتحاد الأوروبي.. والمستنقع الليبي

لو لم تكن هواجس وباء كورونا، والظلال القاتمة التي ألقت بها على الاقتصاد والأمن العالميين على قائمة الاهتمامات الدولية لتصدرت الأزمة الليبية بكل تشعباتها الإقليمية القلق الدولي والإقليمي.

ففي الأسابيع القليلة الماضية عرفت الأزمة الليبية منعطفاً حادّاً تمثل في التدخل العسكري التركي الصارخ والعلني، الذي يهدف أساسا للعبث بخيوط الصراع الليبي وجعله يتماشى مع أجندة رأس النظام التركي الطيب أردوغان المتعاطفة مع كل ما هو متطرف وراديكالي.

ومنذ إعلان تركيا عن عزمها التدخل العسكري في ليبيا ودول الاتحاد الأوروبي تعبر عن قلق و مخاوف... لسبب بسيط، هو: أن الاستراتيجية التركية تقوم على نكران كل ما تم التوصل إليه من بذرو تفاهمات دبلوماسية أممية وإقليمية، مرورا بلقاءات فرنسيّة ايطاليّة إمارتية، ووصولا إلى محطة برلين.


وهذه الجهود الدولية والإقليمية كلها كانت تصبُّ في خانة إعداد الأرضيَّة لتفاهمات سياسية وإقصاء كل الجماعات المتشددة، التي تشجع الإرهاب وتستقطب التطرف في مسرح اللعبة الليبية السياسة.


وبتدخلها العسكري عبر نقلها الكثيف لإرهابيين سوريين و دوليين من سوريا إلى ليبيا، رجحت تركيا ـــ ولو مرحليّاً ــ كفَّة جماعات أيديولوجية تعتبر بيئة حاضنة للتطرف الديني والعنف السياسي.

وقد شكَّل هذا الوضع الجديد منبع كوابيس جديد لدول الاتحاد الأوروبي التي رأت معظم عواصمه في الخطوة التركيةً محاولة من أردوغان الاستمرار في الابتزاز الذي يمارسه ضد الجوار الأوروبي، والذي جاء عبر ورقة تدفق اللاجئين والورقة الداعشية.

واليوم تنظر القيادات الأوروبية إلى المستنقع الليبي على أنه أصبح يهدد بالتحول إلى معمل مفتوح الواجهات لتصدير الجماعات الإرهابية إلى الفضاء الأوروبي ومنطقة الساحل وشمال افريقيا، بالإضافة إلى فتحه المجال لقنوات الهجرة السرية، التي إن استعرت من جديد ستشكل ضربة قاتلة لبنيان الاتحاد الأوروبي الموحد.

من هنا تأتي خلفية النشاط الدبلوماسي الكثيف الذي تقوم به فرنسا باسم الاتحاد الأوروبي، من ذلك الاتصال بإدارة الرئيس دونالد ترامب لكي توضح موقفها من رهانات الأزمة الليبية، وتحاول ردع الجموح التركي بعدما كانت تغض الطرف عنه، لأنه يزعج الحسابات الروسية في المنطقة.

بالإضافة إلى الاتصال مع دول الجوار المعنية مباشرة بالمستنقع الليبي ــــ كمصر ــ لإقناعها بالعدول عن أي تحرك قد يسهم في انفجار إقليمي، ومواجهة مفتوحة.