السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

عصر «التعشيش الاجتماعي»

شهدت كل الأقاليم اليابانية مؤخراً تراجعاً عن إعلان حالة الطوارئ، إلا أن هذا التطور لا يمثل نهاية القصة بأي حال، بل يُبشِّر بحلول المرحلة التالية لطراز حياة جديدة، يبحث الناس فيها عن طريقة لتحقيق الانسجام بين إعادة النشاطات الاقتصادية ومنع انتشار الأوبئة.

لقد عرف الشعب الياباني كيف يتعايش مع إجراءات البقاء في البيت لفترة طويلة، تعرف هناك باسم «التعشيش» nesting، وهو التعبير المستقى من حياة العصافير، وشهدت اليابان طفرة كبيرة في أنواع مختلفة من أساليب «استهلاك التعشيش» باستخدام طرق ووسائل التسوّق والتوصيل المنزلي، ووجد بعض الناس هناك كثيراً من الوقت لتعلُّم الدروس الجديدة والتفكير والتدبُّر فيها.

وكان أكثر ما يتردد في نقاشاتنا التي لا تكاد تنتهي، سيرة حياة إسحق نيوتن وسنواته الأكثر خصوبة في مجال الإنتاج العلمي أو ما يعرف بـ«عام العجائب» أو عام 1665 عندما نجح في اكتشاف قانون الجاذبية الكونية، خلال فترة العزلة الطويلة التي فرضها على نفسه في كوخ صغير بعيداً عن جامعة كمبريديج، التي كانت مغلقة بسبب مخاوف من انتشار واسع النطاق لوباء الطاعون.


ويبدو أن ظرفاً مماثلاً يواجه الآن الشعب الياباني، الذي آثر العزلة الطوعيَّة الاختيارية عن المجتمع، ويمكن القول: إن هناك الآن تغيراً جذرياً في السلوك الاجتماعي لليابانيين بشكل عام.


ولقد لاحظ اليابانيون بشكل عام أن هناك كثافة متزايدة للسكان في المدن الكبرى مثل: طوكيو وأوساكا وفوكيوكا، وهي تعجّ بالقطارات المكتظة بالركاب، الذين يحاولون الوصول إلى أماكن عملهم ليحضروا كثيراً من الاجتماعات، ويتناولوا كثيراً من المآكل والمشروبات عند حلول موعد وجبة العشاء بعد أن ينهوا عملهم.

كما أصبح كثير من اليابانيين يشعرون بالندم على انتهاء الطريقة الصحّية لممارسة الحياة، وبدأوا بالتعود على إجراء ألعاب رياضية روتينية في بيوتهم، وعندما تعمقنا في البحث أكثر، وجدنا أن هناك كثيرين ممن يدعمون البنية التحتية، التي تمكِّن الناس من البقاء في المنزل.

ولكن، هل نزيد اهتمامنا بالإنترنت بعد أن أصبح اعتمادنا عليها كبير جداً؟ وإذا تعطل هاتفك الذكي أو جهاز اللاب توب، فمن أين سيأتيك التموين بالمواد الضرورية، وكيف يمكن تعويض هذا الضرر؟

في اليابان، تكون سلاسل التموين محلية وعالمية، ولقد اعتاد الناس عليها بالرغم من أنها لا تظهر للعين المجردة، ولقد عرفنا بسبب هذه الأزمة أهمية الدكاكين والمحال الصغيرة، التي تؤمِّن لنا السلع والبضائع والخدمات الأساسية والمهمة التي يتم إنتاجها محليّاً، وكنا كثيراً ما نحمل الاعتقاد الذي يقضي بأن في وسعنا عرض وتقديم السلع والخدمات الآتية من كل أطراف السوق الدولية، وفي أي وقت وبأرخص الأسعار، إلا أننا وجدنا الآن، وبسبب الأزمة، أن ذلك يخالف الحقيقة تماماً.

ولو نظرنا إلى تلك الأشياء التي يتم تصنيعها والأشخاص الذين يقومون بتوصيلها إلينا حتى نواصل حياتنا المريحة، فسوف نتأكد أن «كوفيد-19» قد علمنا أشياء مهمة.