الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

بين الشفافية وخاصية اللامقايسة

يبدو أن الولايات المتحدة والصين أصبحتا تفتقران إلى التنبؤات والمفاهيم، وربما هذا ما سيجعل الهدنة بينهما مهمة مستحيلة، لأن إطار الموازين التي اعتمدت عليها واشنطن وبكين لأكثر من عقدين في الراهن، إلى جانب الأطر المأساوية الأخيرة، والتي كشفت عن الاختلافات المتأصلة بين القوتين من جهة، وثورة الربيع الأمريكية التي تجتاحها هذه الأيام من جهة أخرى.

إن العلاقة بين واشنطن وبكين التي تعتبر ديناميكية مجموعة القوة العالمية قبل وبعد الألفية الثالثة، ليست غريبة على المواجهة والخلاف، لكنهما نادراً ما تتنافسان على العديد من الجبهات الحرجة كما هما الآن، فمن لعبة اللوم المرير حول Covid-19، إلى تجدد الخلافات حول التجارة وتايوان، إضافة إلى المشكلات القائمة مثل ملف شركة هواوي، وملفات جزر الصين الجنوبية، ناهيك عن الاتهامات المتزايدة بشكل صارخ للصين حول وفاة العديد من الناس حول العالم، بما في ذلك أكثر من مئة ألف مواطن أمريكي جراء كورونا، (الفيروس الصيني) كما أسماه الرئيس الأمريكي.

ومع تزايد القلق الدولي بشأن التداعيات المحتملة لأزمة الجائحة، تنبعث رائحة دخان لمعركة جديدة قد تشتعل، بعد موافقة البرلمان الصيني على تشريع الأمن القومي المثير للجدل في هونغ كونغ.


إنها خطوة أثارت احتجاجات كبيرة في هذا المركز المالي الدولي، وأدت إلى تصعيد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، التي ألغت وزارة خارجيتها الوضع التجاري الخاص بهونغ كونغ، بحجة أن المدينة الاقتصادية لم تعد مستقلة بما فيه الكفاية عن الصين، فيما تقول بكين إنها بحاجة للعمل لضمان القانون والنظام، ومنع التدخل الأجنبي.


في حين يرى سكان هونغ كونغ والعديد من الحكومات الغربية، أن هذه الخطوة ستسحق الحريات الفردية لمدينة ازدهرت وشعبها لعقود على أنها معقل للحرية، بينما واشنطن التي تعهدت بمعاقبة بكين على ما قامت به تخشى أنه سيكون من الصعب عليها اختيار أي مسار تسلك في هذا الشأن، مع بروز توتراتها الداخلية بسبب العنصرية.

ينعكس هذا التخوف لفقدانها لاستقلالية الحركة في هذه المدينة الاقتصادية، وما يزيد الأمور سوءاً أن الولايات المتحدة لم تعد القوة العظمى، التي لا مثيل لها كما كانت قبل ربع قرن، ومن خلال ما يبدو من انتهاك للحريات في أمريكا فسيكون من الصعب عليها التعامل مع أفق بكين، وبالتالي يبقى السؤال: ما هو خيارها للتأثير على الأحداث في الصين؟