الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

كارتر ـ ترامب.. والوقت الضائع

رسالة قوية ومؤثرة بعث بها الرئيس الأمريكي الأسبق «جيمى كارتر» إلى الرئيس ترامب، شرحها في مقال أستاذ الفلسفة الفرنسي برونو غيغ (Bruno Guigue)، تحت عنوان «سقوط النسر بات وشيكاً» ونشرتها المواقع الناطقة بالعربية في نهاية مارس الماضي، عن موقع أورهاي.. أجاب كارتر عن سؤال يتردد في كل العالم بعد أن فشلت أمريكا في مواجهة كارثة كورونا، والسؤال هو: «لماذا تفوقت الصين على أمريكا»؟.. يقول السياسي العجوز جيمى كارتر وقد تجاوز الـ90 من عمره في هذه السلسلة من النصائح، التي جاءت في الوقت الضائع للرئيس ترامب، وهو يتخبط في متاهات من السياسات الخاطئة، مخاطباً الرئيس الحالي دونالد ترامب: «أنت خائف من أن تتقدم الصين علينا وأنا اتفق معك، لكن هل تعرف لماذا الصين أمامنا؟.. لقد قمت (أنا) بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع بكين في عام 1979، ومنذ ذلك التاريخ هل تعرف كم مرة دخلت الصين في حرب مع جهة ما؟ ولا مرة واحدة.

بينما نحن في حالة حرب باستمرار، أمريكا هي الدولة الأكثر خوضاً للحروب في تاريخ العالم، لأنها تريد فرض حكومات تستجيب لتوجهات حكومتنا وللهيمنة الأمريكية.

الصين من جانبها تستثمر مواردها في مشاريع، مثل: السكك الحديدية، والبنية التحتية، والقطارات القذيفة (الرصاصة) العابرة للقارات، وتكنولوجيا 5G والذكاء الآلي والجامعات والمستشفيات والموانئ والمباني.. أما نحن، فكم ميلاً من القطارات عالية السرعة لدينا في هذا البلد؟.. لقد أهدرنا 300 تريليون دولار على النفقات العسكرية لإخضاع البلدان الراغبة في الخروج من هيمنتنا، والصين لم تهدر فلساً واحداً لخوض الحرب، ولهذا السبب تفوقت علينا في كل منطقة تقريباً.. ماذا لو رصدنا 300 تريليون دولار لهيكلة البنية التحتية، وروبوتات الصحة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي قطارات «الرصاصة» عالية السرعة والجسور التي لا تنهار!، ونظام صحي مجاني للأمريكيين كي لا يصاب آلاف الأمريكيين أكثر من أي دولة في العالم بوباء كورونا (كوفيد-19)، وتكون لدينا مسارات تتم صيانتها بشكل صحيح ويكون نظامنا التعليمي جيداً مثل كوريا الجنوبية أو شنغهاي.. لاحظوا كم تكلف الحروب!

هذه الرسالة تعكس خبرات وتجارب رئيس أمريكي سابق ترك علامات كثيرة في مسيرة السياسة الدولية، وهو فارس من فرسان اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وإن اختلفنا في جدوى السلام الحقيقي، إلا أنه بمقاييس عصره وضع أساساً للحوار حول قضية من أهم وأخطر القضايا في العالم حتى وإن بدا حلماً بعيداً.

إن الدرس الذي قدمه كارتر السياسي العجوز للرئيس الأمريكي الذي وصل بأمريكا إلى هذه الدرجة من التخبط وغياب الهدف، يؤكد أن تقدم الشعوب وتخلفها يخضع لقرارات وسياسات وأخطاء، تدفع الشعوب ثمنها تخلفاً وأمناً واستقراراً.