السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لا أستطيع أن أتنفس

ألقى رئيس شرطة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية ـ الذي تجمهر حوله عدد كبير من مواطنيه ـ كلمة للتخفيف من غضب المتظاهرين، حيث شهدت معظم الولايات الأمريكية تظاهرات وصلت في أغلبها لأحداث شغب ونهب، كان لها أثرها بين المتظاهرين الذين هتفوا لكلماته حيث قال: «لن نذهب لأي مكان، نحن من بنينا هذا البلد، لذا إن كان أي شخص يحمل الكره للأشخاص الملونين فعليه تخطي ذلك، كلنا سواء على اختلاف ألواننا، لأننا نعامل بعضنا بطيبة قلوبنا».

وكان مقتل جورج فلويد شرارة الفوضى التي انطلقت بأمريكا لتؤجج نار الغضب، وتحرق في طريقها الأخضر واليابس، كذلك الصراع الانتخابي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين تعاطيا مع الحادثة كورقة انتخابية لعب فيها الإعلام الأمريكي دوراً غير حيادي، ومما لا شك فيه أن الحادثة تدل على «انقسام أخلاقي إنساني اجتماعي في المجتمع الأمريكي» حسب وصف كثيرين.

ولم يغفل الأدب تناول هذه القضية المهمة التي اعتبرت في بعض المجتمعات نقطة تحول، وقد ترجمت أعمال أدبية إلى أفلام عالمية تناولت العنصرية ومعاناة الإنسان - الأسود ـ لتصل إلى شرائح المجتمع المختلفة، ولعلي أذكر الكاتبة والشاعرة نادين غورديمير الحاصلة على جائزة نوبل على مجمل أعمالها المناهضة للعنصرية، التي عاشتها في بيئتها التي تؤمّن بتفوق العرق الأبيض، فأبدعت في الكتابة عنها ومقاومة التفرقة العنصرية، وكانت من أصدقاء الزعيم الخالد نيلسون مانديلا الذي حرص على لقائها بعد خروجه من السجن، وهي أول الداعمين لقضية السود في مسقط رأسها بجنوب أفريقيا، والتي لم تنج من الاضطهاد من قبل حكومة بلادها، نتيجة لمواقفها المعارضة للسياسة العنصرية.


وستبقى قضية العنصرية، حتى يرث الله الأرض ومن عليها بأشكال مختلفة، وصراعات تتلون حسب المصالح السياسية وتؤججها الأقطاب المختلفة، والإعلام الذي خرج من دائرة النزاهة والحيادية، يلعب دوراً خبيثاً في دول كنا اعتبرناها دولاً متقدمة تدعي حقوق الإنسان وتنبذ العنصرية، كما يعتنقها بعض المغرضين أو الجهلة المسيرين بأيدٍ خفية، أولئك الذين اتّخذوا المنصات الإلكترونية منبراً لهم، وبحمد الله يعتبر تطبيق الجرائم الإلكترونية في المغرب وكثير من البلاد الإسلامية بالمرصاد لأولئك الذين يحاولون العبث بالفضاء الإلكتروني وإساءة الأدب وتخطى نهج شريعتنا التي تنبذ العنصرية، وإن شريعتنا تعتبر نموذجاً يحتذى به في احتواء الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم واحترام إنسانيتهم والسير على نهج الدين الحق.