الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الانتفاضة الأمريكية الجديدة

أصبح اهتمام العالم مركزاً على حالة الطوارئ المعلنة في العديد من الولايات الأمريكية عقب جريمة عنصرية اقترفها رجل شرطة أمريكي يوم 25 مايو في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، عندما أقدم على قتل المواطن الأمريكي جورج فلويد.

ويوضح فيلم الفيديو الذي شاع تبادله أن العملية كانت جريمة وحشية، ما أطلق تظاهرات منددة بهذا العمل في كل أرجاء الولايات المتحدة، حيث عبر عامة الناس عن غضبهم من الأعمال الإجرامية، التي يقترفها من يُفترض فيهم أن يكونوا مسؤولين عن الأمن وتطبيق القانون.

هذا الحادث ليس الأول من نوعه أبداً، بل سبقته سلسلة من مظاهر عدم التقيد بالقوانين، واقتراف العنف غير المبرر من طرف «ضباط تطبيق القانون» في الولايات المتحدة، فكثيراً ما ترتكب مثل هذه الجرائم الخطيرة من قبل عناصر الشرطة الأمريكية.


وتتزايد المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان بشكل واضح في أمريكا، ومن بينها التمييز على أسس عنصرية وعرقية ودينية، وتعسّف رجال الشرطة، وتحيّز النظام القضائي، واكتظاظ السجون، وعدم مراقبة استخدام الأسلحة النارية ووسائل الدفاع الذاتي.


وتم اتخاذ إجرءات وقائية ترتقي إلى مستوى حظر التجول في عشرات المدن الأمريكية منذ بداية شهر يونيو الجاري، إلا أن المظاهرات تواصلت، وتعرض مئات المتظاهرين للاعتقال، وتحدثت تقارير عن سقوط قتلى، ووصف مذيع في قناة «سي إن إن» ما يحدث بأنه «أزمة وطنية»، وقال المحلل السياسي الشهير توماس فريدمان في مقال نشره مؤخراً: « إن العولمة والجشع يقودان أمريكا إلى الكارثة».

وكان من الطبيعي أن يتداول الناس العديد من نظريات المؤامرة، التي تشرح ما يحدث على أنه من ترتيب دعاة تكريس تفوق العرق الأبيض، أو أنه حبكة من صنع أعداء الفاشيّة أو يندرج ضمن مكائد الملياردير جورج سوروس أو الروس.

وقال المحلل السياسي الأمريكي المعروف ثيودور كاراسيك في مقال نشره بتاريخ 31 مايو: «إن جريمة قتل فلويد تؤكد مرة أخرى المشكلة المتجذّرة في العنصرية الأمريكية، وأصبح عنف رجال الشرطة السبب الرئيسي لموت الشبّان في الولايات المتحدة، حيث يتوقع 1 من كل 1000 أمريكي أسود أن يتعرض للاغتيال على يد الشرطة، ولقد فضح اغتيال فلويد أكذوبة الحياة الأمريكية ونفاق فكرة الحلم الأمريكي».

وكما أن المعارك السياسية الداخلية الشرسة في الولايات المتحدة في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، والمشكلات التي نتجت عن انتشار وباء فيروس كورونا زادت الأوضاع تعقيداً، وخاصة بعد أن اقترب عدد المصابين بالفيروس من عتبة 2 مليون ووفاة أكثر من 100 ألف حتى اليوم الأول من شهر يونيو الجاري.

وتثبت هذه الظروف مجتمعة أن سلطة الولايات المتحدة وقوة تأثيرها على العالم تتراجع، ويضاف إلى ذلك أن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا الغربية يزيدون من حملات انتقادهم للإدارة الأمريكية الراهنة.

ويمكن القول: إن الغرب فقد موقعه الريادي العالمي الذي تمتع باحتلاله على مدى 5 قرون.