الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الكابوس الليبي.. نُذُر نهاية الأزمة

يبدو أن التدخل التركي الضخم والمفاجئ لدعم طرابلس، بعد عام من حصارها من قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أصبح يشكل عامل انفراج بالنسبة لرئيس الوزراء في حكومة الوفاق الوطني فايز السرّاج، فلقد انسحبت قوات المشير حفتر من المدن الغربية، ومن المراكز العسكرية المجاورة لقاعدة الوطية الجوية.

ولكن هذا الذي حدث هو أبعد ما يكون عن الهزيمة العسكرية، لأن حفتر لا يزال يسيطر على معظم مناطق ليبيا بما في ذلك منطقة برقة وعاصمتها بنغازي ومدينة طبرق، وهي مقر البرلمان الذي منحه شرعيته، وتُضاف إليها المناطق الصحراوية النائية الغنية بآبار النفط، والتي تعدّ الممر المهم نحو دول الساحل الأفريقية التي تقع إلى الجنوب.

وسرعان ما أعلن المؤيدون الأجانب عن دعمهم لحفتر، الذي ذكر مؤخراً أنه يمثل القيادة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وتشير أحدث تقديرات الموقف حتى الآن إلى أن تدخل الطائرات الحربية الروسية في المعارك الدائرة يمكن أن يقلب موازين القوى هناك.


وبغض النظر عن التطورات المعقدة التي تشهدها ليبيا، فإن الحرب المتواصلة هناك منذ 5 سنوات، كانت لها تكاليفها البشرية الكارثية على الشعب الليبي، ولا تزال مخاطر تلك الحرب عالية جداً بالنسبة للمجتمع الدولي.


ويضاف إلى ذلك التدخل العسكري التركي في ليبيا، الذي يبقي الخطر المباشر الذي تمثله هذه التطورات على المصالح الأوروبية، فمن المعروف أن ليبيا تتحكم بمصادر النفط الأفريقية الرئيسية بالإضافة لميزة قربها الشديد من أوروبا، إلا أن التهديد الذي تخافه أوروبا من تطورات النزاع لا يقل عن القلق الكامن في محاولات أنقرة التحكم بحركة تدفق المهاجرين من أفريقيا، وأيضاً القادمين من جنوب آسيا، والذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا، وهذا ما سيمنح الأتراك سلطة التحكم الكامل بطرق الهجرة، ما يعني أنها ستصبح وسيلة لابتزاز الاتحاد الأوروبي مثلما حدث أيام تدفق اللاجئين السوريين في محاولتهم للوصول إلى اليونان.

ودعونا نتذكر أيضاً أن ليبيا التي لا تزال تعاني من النتائج السيئة لحكم القذافي الذي دام 40 عاماً، هي في الحقيقة مجتمع يتألف من عدة قبائل وعشائر، ولن يأتي الحل المنشود لهذه الأزمة إلا من خلال الاعتراف بهذه الخصوصيات المتعلقة بالمجتمع الليبي، وتشكيل حكومة لامركزية بعد وقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهذا ما تحاول الأمم المتحدة تحقيقه.